العودة إلى فهرس السور: اضغط هنا (تسهيل فهم وتدبّر سور القرآن)
031.0 سورة لقمان
ملاحظة: قبل البدئ بهذه السورة، يجب الاطلاع على ما يلي:
– المقدّمة والتمهيد: اضغط هنا
– تسهيل فهم وتدبّر القرآن: اضغط هنا
031.1 التعريف بالسورة:
1) مكية؛ ماعدا الآيات 27، 28، 29 فمدنية. 2) من المثاني. 3) عدد آياتها 34 آية. 4) الحادية والثلاثون من حيث الترتيب في المصحف. 5) والستون حسب ترتيب النزول، نزلت بعد سورة “الصافات”. 6) ليس لها أسماء أخرى. 7) أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في السورة:
{الله} 29 مرّه؛ (3 مرّات): لله، خبير، خَلَق، أنزل؛ (2 مرّة): رب، عزيز، حكيم، غني، حميد، عليم، أنعم، يولج؛ (1 مرة): هو، الحق، سميع، بصير، العلي، الكبير، لطيف، يَعْلَم. انظر أيضاً في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: الفصل رقم 1.7: أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في القرآن.
السورة الوحيدة التي ذكرت فيها كلمة لقمان 2 مرة؛ (1 مرّة): أسبغ، تصعر، خدك، نفدت، نضطرهم، ختار، عَمَد هي والرعد.
أكثر سورة تكررت فيها: صوت 3 مرات، يا بني 3 مرات هي ويوسف.
وتكرر فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: الأرض 8 مرات، السماوات 6 مرات، خلق 5 مرات، شكر 4 مرات؛ (3 مرات): هدى، نعمه، ألم تر، شرك، بحر؛ (2 مرّة): الصلاة، معروف، من دونه، ظلم، ضلال، وعد الله حق؛ (1 مرّة): كتاب حكيم، الحكمة، منكر.
031.2 فضائلها وما ورد عنها من الأثر:
031.3 وقت ومناسبة نزولها:
نزلت السورة في الفترة التي بدأت فيها المضايقات والإيذاء القولي للمسلمين لصدّهم عن دينهم، وهي منتصف الفترة المكّية، ونستنتج هذا من الآيات (14-15) التي تأمر المسلمين بأن يشكروا لوالديهم حقهم العظيم عليهم، لكن {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15)}. هذا الكلام ذاته سبق وأن ذكر في سورة العنكبوت {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)} وهو ما يشير إلى أن السورتين نزلتا في نفس الفترة الزمنيّة إلا أن لقمان نزلت أوّلاً لأننا لا نلمس فيها أي إشارة إلى عداء أو إيذاء شديد وتعذيب للمسلمين كما في العنكبوت.
031.4 مقصد السورة:
031.4.1- بيان فضل الكتاب الحكيم الذي جعله الله هدى وشفاء ورحمة للمحسنين الذين عملوا بما فيه من أمر الله ونهيه. فيه الآيات الدالة على أسماء الله تعالى وصفاته، والأمر بعبادته وحده لا شريك له وشكر آلائه، والتحريض على العمل الصالح والتحلي بمكارم الأخلاق، وذم الشرك والنهي عن الضلال وفعل المنكرات، وفيه الوعد والخبر اليقين عن الآخرة وما فيها من حساب دقيق وجزاء عادل.
031.4.2- مقصدها نجده في مطلع السورة، وهو أن القرآن كتاب محكم مبين لا خلل فيه ولا تناقض، وأنه سبحانه وتعالى جعل هذا القرآن هدى وشفاء ورحمة للمحسنين الذين عملوا بما فيه من أمر الله ونهيه.
031.5 ملخص موضوع السورة:
وتتكون السورة من مقدمة استغرقت ربعها الأوّل (9 آيات)، تشير إلى آيات الكتاب الحكيم الذي بدلائله وبراهينه هدى ورحمة لمن وفقوا وسبقت لهم الحسنى وهم المحسنون، أما من حرموا منفعته والاعتبار به واستبدلوا الضلالة بالهدى فلهم عذاب مهين وأليم؛ وخاتمة (2 آية) تلخص الحكمة التي في هذا الكتاب: بأنها تقوى الله وطاعته، فهو عليم بهم ومحاسبهم على أعمالهم؛ وباقي آيات السورة (25 آية) تتضمّن ثلاث مجموعات من الآيات: تبدأ بإلإشارة إلى عظيم خلق الله وأسباب النعيم التي جعلها للإنسان (10 آيات)، ثم تسخيره ما في السماوات والأرض وإسباغ نعمه على الناس ومع ذلك يجادلون بغير علم (6 آيات)، ثم الدلائل والبراهين على عظيم ذات الله وأسمائه وأفعاله وحكمته وقدرته (7 آيات)، كما يلي:
المقدّمة (الآيات 1-9): تشير إلى آيات القرآن المحكم المبين الذي لا خلل فيه ولا تناقض، جعله سبحانه هدى ورحمة وشفاء للمحسنين: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)}، وهم المهتدون المفلحون لهم جنات النعيم، يقابله ضلال وعذاب مهين وأليم للمستهزئين المستكبرين. ثمّ (الآيات 10-19) تشير إلى عظيم خلق الله وما جعله وهيأه للناس من أسباب السعادة والعيش الكريم في الدنيا: بأن خلق السماوات بدون عمد، وألقى الرواسي، ونشر الدواب، وأنزل الماء فأنبت به الزرع الكريم: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11)}. لذلك تأمر بالشكر وتنهى عن الشرك لأنه ظلم عظيم، فالله جعلكم أزواجاً، حملتكم أمهاتكم، وربّاكم والديكم، حتى إذا كبرتم صرتم أبناء تشكرون والديكم على حسن تربيتهم، ثم بعد ذلك تصيرون أنتم الوالدين يشكركم ويبرّكم أبناؤكم على تربيتكم الصالحة، هذا رب لطيف خبير لا يضيع عنده مثقال حبة من خردل، يستحق أن يشكر على ما جعله من أسباب لسعادتكم، وصلاة لراحتكم، وأمر بمعروف ونهي عن منكر لصلاحكم. ثم (الآيات 20-25) تنبّه بأن الله سخر ما في السماوات والأرض وأسبغ نعمه ظاهرة وباطنة، ومع ذلك يجادلون بغير علم ولا هدى ولا دليل، ويقلدون آباءهم ويتبعون دعوة الشيطان إلى عذاب السعير، لكن من أسلم وأحسن فقد أخذ بأسباب النجاة، ومن كفر فجزاؤه عذاب غليظ، هم يعرفون الله خالقهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (25)}، ومع ذلك يشركون. ثمّ (الآيات 26-32) تبيّن الدلائل والبراهين على عظيم ذات الله وأسمائه وأفعاله، وقدرته على الخلق والتدبير، وحكمته: فهو الغني الحميد له ما في السماوات والأرض، العزيز الحكيم لا تنفد كلماته، السميع البصير للناس على كثرتهم، يخلقهم ويبعثهم كأنهم نفس واحدة، الخبير بما يعملون، سخّر لهم الشمس والقمر وجعل الليل والنهار، العلي الكبير هو الحق وما دونه الباطل، ينعم على الناس ويكرمهم ويريهم آياته فيعلمون أنه وحده الإله الحق المنجّي: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (32)} فلما نجّاهم إلى البرّ عادوا لكفرهم. ثم (الآيات 33، 34) خاتمة تلخص الحكمة بأنها تقوى الله وطاعته والعمل للآخرة استعداداً للحساب، وعدم الانخداع بزخرف الدنيا ولا بتقليد الآباء وغواية الشيطان، وأنّ واضع الحكمة عنده علم البدايات قبل أن تبدأ في الأرحام، والنهايات قبل أن تنتهي بقيام السّاعة، ومفاتيح الغيب الخمسة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}.
أمّا باعتبار موضوعاتها فنصف كلماتها (50%) تبين مقتضيات أسماء الله الحسنى (كالعزيز الحكيم الغني الحميد اللطيف الخبير العليم السميع البصير العلي الكبير) وأفعاله الكريمة (بأنه خلق وأنزل وأنعم وسخّر وبثّ وأنبت ….. إلخ). والنصف الآخر هو: (20%) عن موضوعات الحكمة وأن الله خلق بالحق، الدنيا للعمل والآخرة للجزاء على الأعمال، و (20%) عما فعل الناس وارتكبوا خلاف الحكمة (ضلّوا وجحدوا وكفروا واستكبروا وأساؤوا وأفسدوا وأشركوا واختالوا وفخروا ….. إلخ)، و (10%) عن الجزاء في الدنيا والآخرة.
تبيّن السورة أن المقصد الذي خلق له الإنسان هو السعادة بمعرفة الله وشكره على سابغ نعمه وعبادته {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20)}، مع الصبر على المصيبة والتواضع وعدم الشرك رجاء الفوز في الآخرة؛ ولأجل هذا أنزلت آيات الكتاب الحكيم {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)}، وجُعلت هي العروة الوثقى والحبل المتين للفوز والفلاح {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى (22)}، فالإنسان وحده المستفيد من معرفة الله وشكره وعبادته {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)}، فالله غني حميد لا يحتاج أحداً من خلقه، بل يدعوهم لكي ينفعهم من فضله الكبير، ويزيدهم على شكره الخير الكثير. هم يعلمون أنّه الخالق الضار النافع، ومع ذلك فهم منكرون ومعرضون وكافرون، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)}، بل هم في وقت النعيم انشغلوا بالنعمة عن المنعم، ونسَوا ذكر الله، ولم يتدبّروا آياته، فهم لا يعلمون، ولا يذكرون الله إلا إذا سلبت منهم تلك النعمة، ثمّ إذا أعاد الله عليهم النعمة، بسبب دعائهم وتضرعهم إليه {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (32)}، عادوا إلى شركهم. إن أسباب انصرافهم عن دين الله وآيات القرآن الحكيم هما سببان ظاهران وواحد خفيّ: الأوّل هو استكبارهم وانشغالهم بالنعمة نفسها عن خالق النعمة {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا (7)} وبقائهم في الجهل، وظلمهم لأنفسهم بما منحهم الله من أسباب القوّة والنعيم والأمان، وضلالهم عن الحق وعن اتباع الصراط المستقيم، والثاني هو التقليد الأعمى وإلغائهم عقولهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا (21)}، والثالث الخفي هو دعوة الشيطان لهم إلى الباطل والضلال والهلاك واستجابتهم له {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)}.
ربّنا اهدنا وارحمنا واجعلنا من المحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة يوقنون.
031.6 بعض التفاصيل عن موضوع السورة:
031.6.1- مقدمه: الآيات (1-2) تبدأ السورة بمقدمة تشير فيها إلى الكتاب الحكيم: أي أنه كتاب محكم مبين لا خلل فيه ولا تناقض وهو القرآن، وأنه سبحانه وتعالى جعل هذا القرآن هدى وشفاء ورحمة للمحسنين الذين عملوا بما فيه من أمر الله ونهيه.
والحكمة هي الكلام الحكيم العظيم الذي احتوته السورة والذي احتواه جميع القرآن وتلخصه هذه السورة. وتعريف الحكمة هو إصابة الحق بالعلم والعمل، وهو هنا في السورة: شكر الله وطاعته وعدم الشرك وشكر الوالدين وحسن صحبتهما.
031.6.2- تتكون السورة من أربعة مقاطع كالتالي:
031.6.2.1- بيان فضل الكتاب الحكيم وأن آياته محكمة بياناً وتفصيلاً:
تبين الآيات طريق الهدى والرحمة والفلاح في الدنيا قبل الآخرة لمن أخذ وعمل بها فأقام الصلاة وأدى الزكاة وعمل الصالحات، ثم جنات النعيم في الآخرة. يقابله ضلال وعذاب مهين وأليم لمن أعرض عن سبيل الله واتخذ آياته هزواً، في الدنيا ثم في الآخرة. الآيات (3-9) = 7 آيات
الله خلق الناس وفطرهم على الدين (الذي أركانه الإيمان والإسلام والإحسان وانتظار الساعة)، فالإنسان هو المستفيد من آيات هذا الكتاب الحكيم لأن فيها بيان سبيل الله وبيان تفاصيل دينه. اتباع دين الله نافع في الدنيا قبل الآخرة وتركه شقاء في الدنيا قبل الآخرة. لأن الدين هو الفطرة التي لا سعادة للإنسان إلا باتباعها.
031.6.2.2- بيان صفات الله وعجائب خلقه وما سخره من المخلوقات وهيأه من النعيم لتكريم الإنسان. وفيه الدليل على أن آيات الكتاب هدى ورحمة وفلاح للناس في الدنيا قبل الآخرة: الآيات (10-19) = 10 آيات.
تبين الآية العاشرة أنه أراد سبحانه أن يكرم الناس ويرحمهم، فهيأ لهم أسباب السعادة والعيش الكريم في الدنيا، بأن خلق السماوات بدون عمد، وكونها بدون عمد نعمة كبيره، لأن العمد لو مرئية أو كالأعمدة التي يصنعها الناس لكانت الحياة جحيماً، وكذلك ألقى الرواسي في الأرض لتثبيتها، ونشر في الأرض الدواب وأنزل من السماء الماء فأنبت به الزرع الكريم. وهكذا احتوت هذه الآية على كل ما يحتاجه الناس من أسباب العيش الكريم فخلق لهم الأرض وهيأها والسماء وماءها ليشكروه على هذا العيش الرغيد الكريم لمنفعة أنفسهم. (وهذا نظير ما جعله الله سبحانه من النعيم العظيم لآدم في الجنة، فعصى آدم ربه المنعم وأطاع الشيطان العدو فأكل من الشجرة فاستحق العقاب على معصيته). هذا خلق الله فماذا خلق الذين من دونه.
لم يخلق الله الإنسان ليعذبه أبداً، بل ليكرمه ويرحمه ويرفعه بحمله أمانة اتباع الدين مختاراً، فجعل بينهم قرابات وصلات وأرحام لسعادتهم، وجعل لهم العبادات لراحتهم وشفاء أمراضهم. الدليل على تكريم الله للإنسان لا يحتاج إلى برهان، فلماذا لا يكون الشكر للمنعم وليس لغيره. جعلكم أزواجاً، آباء وأبناء، حملتكم أمهاتكم فهيّأ الله لكم أسرة من والدين يربيان، حتى إذا كبرتم صرتم أبناء برره تشكرون والديكم على حسن تربيتهم. ثم بعد ذلك تصيرون أنتم الوالدين يشكركم ويبركم أبناؤكم على تربيتكم الصالحة لهم في دائرة محكمة متكاملة عجيبة صنعها الله لسعادتكم. هذا رب لطيف خبير لا يضيع عمل عامل، يستحق أن يشكر على ما جعله من صلاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وتواضع لا خيلاء وصوت خفيض لا كصوت الحمير.
031.6.2.3- بيان أن الله خلق الإنسان ليكرمه وينعم عليه نعم ظاهرة وباطنة (كل ما هو من الله فهو خير) يرونها فيهم ويرون علاماتها في حياتهم منهم من يشكر فتدوم هذه النعمة عليهم بانسجامهم وموافقتهم للفطرة وخلق الله، وكثير منهم يجادل ويقلد الآباء ويتبع الشيطان فيعذبون لمخالفتهم شرع الله وفطرته: الآيات (20-25) = 6 آيات
بعد أن بينت الآيات السابقة ما أنعم الله به على الإنسان، وتتساءل الآيات هنا ألم تروا ذلك أيها الناس، ألم تعلموا ما سخر لكم ما في السماوات والأرض وأسبغ عليكم نعمه. ومع ذلك تجادلون بغير علم ولا هدى ولا دليل من كتاب من الله. بل تقلدون آباءكم وتتبعون الشيطان الذي يدعوكم إلى عذاب السعير. لكن من يسلم لله ويتبع الهدى فقد أخذ بالسبب الموصل إلى الجنة، ومن كفر فيمتعه الله في الدنيا قليلاً ثم جزاؤه عذاب غليظ في الآخرة. الناس مفطورون على الإيمان بالله الخالق لأنك لو سألتهم من الخالق المنعم فسيقولون الله (الدليل في الآيات التي ستأتي) بل أكثرهم لا يتدبرون آيات الله، مقلّدون أغواهم الشيطان وأضلهم عن الحق.
031.6.2.4- بيان المزيد من صفات الله وأسمائه الحسنى وعجائب خلقه وما سخره من المخلوقات وهيأه من النعيم لتكريم الإنسان: الآيات (26-32) = 7 آيات.
فهو الغني الحميد له ما في السماوات والأرض، عزيز حكيم لا تنفد كلماته، سميع بصير للناس على كثرتهم يخلقهم ويبعثهم كأنهم نفس واحدة، خبير بما يعملون سخر لهم الشمس والقمر وجعل الليل والنهار، علي كبير هو الحق وما دونه الباطل، ينعم على الناس ويكرمهم ويريهم آياته في البحر يدعونه مخلصين له الدين إذا غشيهم الموج، فلما نجاهم عادوا لكفرهم.
لله ما في السماوات والأرض غني حميد لا تنفد كلماته عزيز حكيم سميع بصير. بدليل أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر إلى أجل مسمى فالذي دبر وقدر هذا لا بد خبير بأعمال العباد. ذلك كله من عظيم قدرته لتقروا بأنه الحق في ذاته وصفاته وأفعاله علي كبير كل شيء خاضع له ومطيع وأن ما يدعون من دونه هو الباطل. إن السفن التي تجري في البحر هي نعمة منه على خلقه وليريهم من آياته لأن فيها آيات لكل صبار عن محارم الله شكور لنعمه. من الآيات التي جعلها الله وترونها على هذه السفن أنه إذا ماج البحر فزعوا إلى الله مخلصين له بالدعاء أن ينجيهم فإذا أنجاهم فمنهم قليل الشكر ومنهم كافر، وما يكفر إلا كل غدار ناقض لعهده جاحد لنعم الله عليه.
031.6.3- خلاصة: الآيات (33-34)
الحكمة هي تقوى الله بطاعته واتباع أمره واجتناب نهيه، والحذر من يوم الحساب لأنهم سيحاسبون على أعمالهم في الدنيا، ذلك وعد من الله لإقامة العدل فلا يغني والد عن ولده ولا مولود عن والده شيئاً، فلا تخدعكم الدنيا بزخرفها ولا تنخدعوا بتقليد الآباء وغواية الشيطان.
الله وحده يعلم متى تقوم الساعة، وهو الذي ينزل المطر، ويعلم ما في الأرحام، لا يعلم هذه الثلاثة أشياء أحد غيره، وكذلك لا تعلم نفس ما ستكسب في غدها من خير أو شر ولا في أي أرض تموت، والله يعلم ذلك كله فهو عليم خبير محيط لا يخفى عليه شيء. وفي البخاري عن ابن عمر مفاتيح الغيب خمسه وهي المذكورة في الآية.
031.7 الشكل العام وسياق السورة:
031.7.1- إسم السورة: سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصة لقمان الحكيم التي تضمنت فضيلة الحكمة وسر معرفة الله تعالى وصفاته وذم الشرك والأمر بمكارم الأخلاق والنهي عن القبائح والمنكرات، وما تضمنته كذلك من الوصايا الثمينة التي أنطقه الله بها، ولقمان إسم لأحد الصالحين اتصف بالحكمة.
والحكمة التي أعطاها سبحانه للقمان: هي الفقه في الدين وسلامة العقل والإصابة في القول. وقد يكون الإنسان عالماً، ولا يكون حكيماً. والحكمة مستلزمة للعلم والعمل، ولهذا فسّرت بالعلم النافع، والعمل الصالح. وهذه نعمة ومنة عظيمة اعطاها سبحانه للقمان، وأمره أن يشكره على ما أعطاه، ليبارك له فيه، وليزيده من فضله، لأن شكر الشاكرين يعود عليهم نفعه. ومن كفر عاد ذلك وبالاً عليه.
031.7.2- سياق السورة باعتبار موضوعات آياتها:
احتوت السورة على مقدمة تصف الكتاب بالحكيم وخاتمة تلخص هذه الحكمة التي في الكتاب بأنها تقوى الله وطاعته والعمل للآخرة استعداداً للحساب، وعدم الانخداع بزخرف الدنيا ولا بتقليد الآباء وغواية الشيطان. وهذا هو مقصد السورة. ثم بينت هذا المقصد من خلال أربعة موضوعات تتحدث عن عظيم ذات الله وأسماءه وصفاته وأفعاله، ثم بيان سابغ نعمه على الناس، ثم ما فعله الناس، ثم الجزاء في الآخرة.
031.7.2.1- مقدمة تصف الكتاب بأنه حكيم. أي أنه كتاب محكم مبين لا خلل فيه ولا تناقض. الآيات (1، 2) = 2 آية
031.7.2.2- الناس فرقتان مؤمنون وكافرون: (8 آيات)
031.7.2.2.1- المؤمنون: اهتدوا بالكتاب فكان هدى ورحمة لهم أقاموا الصلاة التي تصلهم بربهم وآتوا الزكاة التي هي حقوق الفقراء من إخوانهم موقنون بالجزاء في الدار الآخرة فعملوا لها وأولئك هم المفلحون. لأنه من يسلم لله ويعلم أنه يراه ويحصي عليه أعماله ليحاسبه عليها في الآخرة فقد أخذ بالسبب الموصل إلى الجنة. الآيات (3-5، 22) = 4 آيات
031.7.2.2.2- الكافرون: يشترون لهو الحديث، ويتخذون آيات الله هزواً، يولّون مستكبرين عن آيات الله كـأنهم لم يسمعوها كأن في أذنيهم صمم، يتركون ما أنزل الله ويتبعون ما وجدوا عليه آباءهم ويجيبون دعوة الشيطان لهم إلى عذاب السعير. لو سألت المشركين الذين يعبدون مع الله إلاهاً غيره: من خلق السماوات والأرض فسيقولون الله، فاحمد الله أيها الرسول وأيها المؤمنون فهم يعلمون الحق لكن أكثرهم لا يتدبرون آيات الله، يقلدون آباءهم الذين أغواهم الشيطان وأضلهم. الآيات (6، 7، 21، 25) = 4 آيات
031.7.2.3- الجزاء في الدار الآخرة: الذين آمنوا وعملوا الصالحات جزاؤهم جنات النعيم والذين كفروا جزاؤهم عذاب غليظ في النار، وكل فيها خالدين. تماماً كما وعد العزيز الحكيم. الآيات (8، 9، 23، 24) = 4 آيات
031.7.2.4- أسماء الله وصفاته الحكيمة الكريمة الحميدة وآيات خلقه، في مقابل عجز ما دونه: الآيات (10، 11، 20، 26-32، 34) = 11 آية
تقارن هذه الآيات بين خلق الله الذي له كل شيء فاستحق الطاعة، وبين الشركاء من المخلوقات والتي لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً، لتقرّع بهذه المقارنة جهل الإنسان وظلمه لنفسه بأن عصى وترك هدى الخالق كل شيء والمنعم، واتبع المخلوق الذي لا يقدر على شيء. وهي آيات جامعات بينات واضحات تبين أن الله هو الخالق له الأسماء الحسنى لا يحتاج إلى شريك ولا لأحد من خلقه بل كل مخلوقاته محتاجة إليه. أكرم الإنسان إلى درجة لا يستوعبها عقل الإنسان وذلك كما يلي:
031.7.2.4.1- خلق له السماوات بغير عمد وأرض فسيحة مستقرة فيها الدواب والماء والنبات أسبغ عليه النعم بمنتهى الكرم من ركوب وشراب وطعام من كل زوج كريم. هذا مقابل عجز ما دون الله من أن تخلق شيء.
031.7.2.4.2- سخر ما السماوات وما في الأرض وأسبغ عليه النعم ظاهرة وباطنة. يقابله الإنسان بجدال عقيم لا يستند لا إلى علم ولا هدى ولا كتاب منير كالقرآن.
031.7.2.4.3- الله غني حميد، لا تنفذ كلماته، عزيز حكيم، يخلق جميع الناس ويبعثهم كأنهم نفس واحدة، سميع بصير، خلق الليل والنهار، وسخر الشمس والقمر لسعادة الإنسان، فهو خبير بما يعملون، فالله هو الحق. يقابل الإنسان ذلك كله باتباع الباطل، يدعونه من دون الله الحق العلي الكبير.
031.7.2.4.4- يريهم سبحانه آياته في الفلك التي تجري في البحر بنعمته. وهي آيات يعتبر بها كل صبار شكور. يقابله جحود كل كافر خائن، الذين إذا غشيهم الموج دعوا الله مخلصين له بالدعاء طالبين النجاة فلما أنجاهم جحدوا هذه الآيات.
031.7.2.4.5- الله وحده يعلم متى تقوم الساعة، وهو الذي ينزل المطر، ويعلم ما في الأرحام، لا يعلم هذه الثلاثة أشياء أحد غيره فهو عليم خبير محيط لا يخفى عليه شيء. يقابله أنه لا تعلم نفس ما ستكسب في غدها من خير أو شر ولا في أي أرض تموت.
031.7.2.5- الهدى والرحمة: الآيات (12-19) = (8 آيات)
هذه أسماء الله الحق وصفاته، وهذه نعمه السابغات على مخلوقاته. أمرهم أن يطيعوه لأجل أنفسهم، حباً ورحمة بهم، لأنه عليم بخلقه لا حدود لكلماته خبير بهم. لذلك وجب عليهم أن يتمسكوا بهديه وبأمره ونهيه وأن يتركوا الباطل لكي يفوزوا ويفلحوا فلا يخسروا ويهلكوا.
من الحكمة الشكر لله المنعم والشكر للوالدين على حسن تربيتهم، وكلا الشكرين يعودان بالنفع على الشاكر نفسه. والله سبحانه لا يرضى الظلم لأحد من خلقه وقد حرم الله الظلم على نفسه. والحقيقة أن الظلم هو اعتداء على الفطرة وتبديل لخلق الله وقد قضى سبحانه أن تعبده وتسبحه وتطيعه جميع مخلوقاته بمن فيهم الإنسان.
إن ميزان الله سبحانه وتعالى ليس كموازين البشر، هو ميزان القسط وضعه سبحانه لتوزن به الأعمال، وقد وعد بأنه سيحاسب المحسنين بإحسانهم والمسيئين على إساءتهم، في يوم يجمع فيه الخلق جميعاً يوم القيامة. إن الله لطيف العلم خبير بمكان كل شيء، إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة من خردل في حقارتها أحضرها يوم القيامة وجازى عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر. فليحرص الإنسان على طاعة أوامر الله واجتناب ما نهى عنه وليصبر على ما على يصيبه من الناس في ذات الله.
031.7.2.6- خاتمة: الآية (33)
يقول تعالى منذرا للناس يوم المعاد وآمرا لهم بتقواه والخوف منه والخشية من يوم القيامة حيث لا يجزي والد عن ولده، وكذلك الولد لو أراد فداء أي منهما الآخر بنفسه لما قبل منه. إن وعد الله بالحساب حق فلا تلهينكم الدنيا عن العمل للدار الآخرة ولا يغرنكم خداع الشيطان أن تعملوا بالمعصية وتتمنوا المغفرة.
031.7.3- سياق السورة باعتبار أسماء الله وصفاته وأفعاله:
احتوت السورة على 4 موضوعات رئيسية كما يلي:
حوالي نصف عدد كلمات السورة 50% تبين صفات الله الحسنى وأفعاله الكريمة، أما النصف الباقي فهو تقريباً 20% عن موضوعات الحكمة، و 20% ماذا فعل الناس، و 10% عن الجزاء في الدنيا والآخرة. (في هذه السورة اخترنا أن نشير إلى عدد الكلمات على غير ما أشرنا إليه في باقي سور القرآن بسبب التداخل بين الموضوعات في نفس الآية، وبسبب تضمّن الآية أكثر من موضوع، انظر 031.7.3.5)
الأول: جاء ذكره في ثلثي آيات السورة (وحوالي نصف عدد كلماتها) وهو عن الله وصفاته وأفعاله القائمة على الحق وعلى كل ما هو معروف جميل في الحياة وفيه نعيم للإنسان. الآيات: (5، 7، 9-12، 14-16، 18، 20، 22-34) = 24 آية.
الثاني: يتعلق أيضاً في الله وما أراده من الناس من الأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة لكي يدوم لهم باتباعها النعيم ويحافظوا لأنفسهم على الجمال والصلاح في السماوات والأرض. الآيات: (3-5، 8، 12-15، 17-19، 22، 23، 25، 31-33) = 17 آية.
الثالث: بين سبحانه ماذا فعل الناس مخالفين الحكمة. فهو بيان معجز يبين سبق علم الله بالغيب وما ستكسب كل نفس وحقيقة ما فعله الناس أو سيفعلوه في الدنيا. الآيات: (6، 7، 12، 13، 15، 18-21، 23، 25، 30، 32، 33) = 14 آية.
الرابع: بين لهم فيه سبحانه ما يستحقونه من الثواب والعقاب جزاء أعمالهم وتصرفاتهم في كلا الحالتين أي إن هم أحسنوا فأصلحوا أو هم أساءوا فأفسدوا. الآيات: (2، 3، 5-9، 11، 12، 21، 24، 33) = 12 آية.
031.7.3.1- الله: يمدح ويمجد نفسه ويبين عظيم فعله ولطفه وحكمته وكرمه في الآيات التالية: (5، 7، 9-12، 14-16، 18، 20، 22-34) = (عدد 24 آية) = 70.59%
اكثر من ثلثي آيات السورة احتوت أسماء لله وصفات وكلمات تبين أن لله حكمة في خلق الناس وهي أنه جعل الناس (من بين مخلوقاته) مخيرون في قيامهم ببعض الأعمال التي لا بد من القيام بها على الوجهة التي أرادها الله وهداهم إليها، وقد سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض من أجل تحقيق ذلك، وأعلمهم وأبلغهم بكل وسائل التعليم والبلاغ بأنه هو الحق وأنه عليم خبير لا يفوته أي شيء عن حاجاتهم وعن أفعالهم ظاهراً أو باطناً، صغيراً أو كبيراً، لأنه سميع بصير لطيف خبير، وأنه محاسبهم على أعمالهم، وهو عزيز غني حميد ليس بحاجة لهم ولا لشيء من أعمالهم، بل هم في حاجة دائمة لرحمته ولطفه وكرمه.
031.7.3.1.1- أسماءه الحسنى: العزيز الحكيم ( آية 9) غني حميد (آية 12) لطيف خبير (آية 16) عليم (آية 23) الغني الحميد (آية 26) عزيز حكيم (آية 27) سميع بصير (آية 28) خبير (آية 29) العلي الكبير (آية 30) عليم خبير (آية 34).
031.7.3.1.2- آيات الله وصفاته في عظيم خلقه في السماوات والأرض وما بينهما وتسخيرها للإنسان تكريماً وتشريفاً ليتدبر فيشكر: خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماءاً فأنبتنا فيها من كل زوج كريم (آية 10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة (20) خلق السماوات والأرض (25) لله ما في السماوات والأرض (26) أن الله يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى (29)، أن الله هو الحق (30) الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته (31).
031.7.3.1.3- هداية الناس إلى ما فيه سعادتهم وما هم مخلوقون لأجله وأنهم مكلفون بطاعة الله مختارين ومحاسبين على أعمالهم: هدى من ربهم (آية 5) تتلى عليه آياتنا (آية 7) وعد الله حقاً (9) آتينا لقمان الحكمة (12) ووصينا الإنسان بوالديه — إلي المصير (14) إلي مرجعكم فأنبئكم (15) إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ (16) إن الله لا يحب كل مختال فخور (18) وإلى الله عاقبة الأمور (22) إلينا مرجعهم، فننبئهم بما عملوا (23) نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم (24) ما نفدت كلمات الله (27) ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة (28) فلما نجاهم من إلى البر (32) إن وعد الله حق (33) إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام (34).
031.7.3.2- تفاصيل الحكمة كما لخصتها السورة وهي الإحسان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وعمل الصالحات وحمد الله وشكره على سابغ نعمه وللوالدين والإيمان باليوم الآخر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصيبة والتواضع وعدم الكبر، أي إسلام الوجه لله بإحسان، وإخلاص الدين، وتقوى الله وخشية يوم الحساب، وذلك في الآيات التالية: (3-5، 8، 12-15، 17-19، 22، 23، 25، 31-33) = 17 آية.
لِلْمُحْسِنِينَ ( آية 3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى (5) الذين آمنوا وعملوا الصالحات (8) أشكر لله (12)، يَعِظُهُ – لا تشرك بالله (13)، أشكر لي ولوالديك (14)، وصاحبهما في الدنيا معروفاً، واتبع سبيل من أناب إلي (15) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى (22) فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ (23) قل الحمد لله (25) لكل صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (32)اتقوا ربكم واخشوا يوماً (33).
031.7.3.3- بيان ماذا فعل الناس في مقابل فعل الله العلي العظيم لهم من هديه ونعيمه وتكريمه. لقد ضلّوا وأضلوا وجادلوا بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، وجحدوا وكفروا واستكبروا واتخذوا آيات الله هزواً وأساءوا وأفسدوا وأشركوا واختالوا وفخروا ومرحوا، وقلدوا ظلم آباءهم واغتروا واتبعوا دعوة الشيطان لهم إلى عذاب السعير (أي ارتكبوا كل ما هو مخالف للحكمة)، وذلك في الآيات التالية: (6، 7، 12، 13، 15، 18-21، 23، 25، 30، 32، 33) = 14 آية.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً (6)، وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً (7)، ومن كفر (12)، الشرك لظلم عظيم (13)، جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا (15)، في الأرض مرحاً (18)، مختال فخور (18)، اغضض من صوتك، أنكر الأصوات (19)، يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)، ومن كفر (23) أكثرهم لا يعلمون (25) مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ (30) يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) يغرنكم بالله الغرور (33).
031.7.3.4- لم يخلق الله الناس ليعذبهم، بل خلقهم لكي ينعموا بسابغ نعمه عليهم وبتسخير الكون لهم، وينعموا بكل ما تفيض به عليهم أسماءه الحسنى وصفاته العلى، وقد بين ذلك في السورة، بأنه لم يتركهم لشأنهم وحدهم يتصرفون دون بيان ولا هدى ولا كتاب منير، بل أنزل إليهم آيات الكتاب الحكيم هداية ورحمة منه للمحسنين لكي يفلحوا في الدنيا والآخرة، وقد تم تفصيله في آيات السورة أعلاه. أما من ظلم نفسه وضلّ عن السبيل، بعد كل هذا الهدى والرحمة المبالغ فيها وفي بيانها، وبعد أن اختار أن يقلد آباءه ويتبع الشيطان إلى عذاب السعير، وبعد أن رفض أن يستمسك بالعروة الوثقى، فذلك جزاؤه عذاب مهين وغليظ في نار جهنم، كما تم تفصيله في السورة، وذكر في الآيات التالية: (2، 3، 5-9، 11، 12، 21، 24، 33) = 12 آية.
031.7.3.4.1- الجزاء في الدنيا: آيات الكتاب الحكيم (2) هدى ورحمة للمحسنين (3) وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ (12).
031.7.3.4.2- الجزاء في الآخرة: وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) عذاب مهين (6)، فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)، خَالِدِينَ فِيهَا (9) عذاب السعير (21)، إلى عذاب غليظ (24)، يَوْماً لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً (33).
ويختم السورة بآية جامعة تلخص علم الله الذي سبق كل شيء سيكون قبل أن يكون حين يكون ماذا سيكون، وعلمه بكل مخلوق قبل أن يخلق فيما يصلحه وما يفسده وتلخص أنه خبير بكل كبير وحقير وبما تصير إليه الأمور. الآية (34).
031.7.3.5- عند محاولة إحصائنا لعدد الآيات لكلّ من الموضوعات الرئيسيّة الأربعة في هذه السورة، فقد كان الأمر صعب ومتعذّر، بسبب تداخل الموضوعات في نفس الآية الواحدة، وبسبب تضمنها لأكثر من معنى أو موضوع في الآية الواحدة. وقد يختلف قليلاً العدد كما ذكرناه هنا (أعلاه) من شخص إلى آخر، والسبب هو وجود بعض الآيات المختلفة مواضيعها في السياق الواحد، أو أن الآية قد تحتوي على أكثر من موضوع في نفس الوقت فتصنف هنا أو هناك. لذلك عندما أحصينا عدد الآيات في كل موضوع، بأن اجتزأنا منها ما يخص تلك العناوين الأربعة المذكورة، كما هو مبيّن، وجدنا أن الآية الواحدة تتكرر تحت أكثر من عنوان واحد في نفس الوقت. (انظر أيضاً تسهيل فهم القرآن: 7.1.3.2.4).
031.7.4- سياق السورة باعتبار أنها تلخص آيات ومعاني الحكمة في السور الأخرى:
وصف الله سبحانه نفسه في هذه السورة مرتين بأنه عزيز حكيم، ووصف الكتاب بالحكيم، وقال بأنه قد آتى لقمان الحكمة: وقد بين سبحانه الحكمة على لسان لقمان الحكيم بأنها الشكر لله وللوالدين وأن إلى الله المصير، وإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصيبة، وعدم الشرك بالله لأن الشرك ظلم عظيم، كذلك والابتعاد عن الكبر والخيلاء لأن الله لا يحب كل متكبر متباه في نفسه وهيئته وقوله، بل من الحكمة التواضع في المشي وخفض الصوت.
ولا بد أن يكون هذا التلخيص في هذه السورة للحكمة والتي معناها إدراك الصواب (في القول أو العمل) أو إصابة الحق بالعلم والعقل. لا بد أن يكون احتوى على مراجعة لكل ما ورد من الحكمة في القرآن من بدايته إلى هذه السورة. أي أن الحكمة الملخصة هنا يجب أن تكون مطابقة لمعاني الحكمة في القرآن ومطابقة لمعاني السورة. وهو فعلاً ما حصل بدليل:
031.7.4.1- تطابق وتكرار المعاني بين سورة البقرة (وهي أطول سورة في القرآن) وسورة لقمان (مع اختلاف في الأسلوب والسياق):
بتأمل السورتين نجد أن بداية هذه السورة مشابه إلى حد كبير بداية سورة البقرة، ثم أن ملخص سور البقرة الذي جاء في أول آياتها، وهو أن الكتاب هدى، وهو ملخص سورة البقرة (التي مقصدها بيان طريق الهدى) هو نفسه مقدمة هذه السورة بأن الكتاب هدى وأنه هو الحكمة (أول 5 آيات) وهو ملخص هذه السورة، فالمعاني التي وردت في البقرة جاءت بطريقة مختصرة في سورة لقمان.
لقد اتحدت السورتان في افتتاحيتيهما {ألم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2)} البقرة. {ألم (1) تلك آيات الكتاب الحكيم (2) هدى ورحمة للمحسنين (3)}، ثم جاء في سورة البقرة قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا (269)}. وجاء في سورة لقمان قوله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد (12)}، وقوله تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى (256)}. وفي لقمان: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور (22)}. والألفاظ التالية هي نفسها في السورتين: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ (10)} هي والبقرة آية (164)، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ (21)} هي والبقرة آية (170) تقريباً، {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ (22)} هي والبقرة آية (112) في المعنى تقريباً، {فقد استمسك بالعروة الوثقى (22)} هي والبقرة آية (256). وكذلك المعنى في الآيات (1-11) من سورة لقمان تكرار للمعنى في الآيات (1-29) من سورة البقرة. وتقرير اليقين بالآخرة والعبادة لله: تكرر في الآيات (1-4) من السورتين. والآية {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5)} هي نفسها الآية (5) في السورتين.
031.7.4.2- اشتركت مع سورة يونس (والتي مقصدها الحديث عن الوحي والصراط المستقيم) في آيتين واحدة تقول إن الكتاب حكيم والأخرى تبين أن الحكمة هي الإيمان والعمل الصالح: الآية {تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)} هي في الآية (1) من سورة يونس. وكذلك معنى الآية {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)} في الآية (9) من سورة يونس. كذلك ومعنى الآيتين (31 ، 32) من لقمان تشبهان الآيتين (22، 23) من يونس، وتتكرر {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (32)} هي ويونس آية (22).
031.7.4.3- كذلك اشتركت مع سورة النمل في آية {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} التي تلخص ما هو الهدى (الذي جاء الكتاب لأجله) مع سورة النمل التي مقصدها أن الكتاب مبين وأنه هدى وبشرى للمؤمنين لإدراكهم معانيه في آية (3). والآية {ومن يشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)} هي والنمل آية (40) في المعنى تقريباً.
031.7.4.4- هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى نجد أن غالبية ما بقي من معاني السورة أو أغلب تعبيراتها أو مقاطعها جاءت تكراراً مع ما جاء قبلها أو بعدها من السور كما يلي:
– {َيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)} هي والجاثية آية (9)، {مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا— فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)} هي والجاثية آية (8) {سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (20)} هي والجاثية آية (13).
– {السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا (10)} هي والرعد آية (2).
– {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ (10)} هي والنحل أية (15).
– {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً (10)} هي والفرقان آية (48).
– {أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)} هي والشعراء أيه (7).
– {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ (14)} هي والعنكبوت آية (8)، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا — إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)} هي والعنكبوت آية (8).
– {مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ (16)} هي والأنبياء آية (47).
– {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)} هي وآل عمران آية (186).
– {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً (18)} هي والإسراء آية (37).
– {اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)} هي والحديد آية (23).
– {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)} هي والحج آية 8، {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)} هي والحج آية (41) في المعنى تقريباً، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)} هي والحج آية (64) تقريباً، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)} هي والحج آية (62) تقريباً، {الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ (31)} هي والحج آية (65).
– {وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)} هي والزمر آية (7) في المعنى تقريباُ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ (25)} هي والزمر آية (38)، {الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)} هي والزمر آية (29).
– {عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)} هي وهود آية (58)، وإبراهيم أية (17)، وفصلت آية (50).
– {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (29)} هي وفاطر آية (13)، {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} هي وفاطر آية (5).
– {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)} هي وإبراهيم آية (5)، وسبأ آية (19)، والشورى آية (33).
– {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ (32)} هي والعنكبوت آية (65).
– {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ (33)} هي والنساء آية (1)، والحج آية (1).
– {عنده علم الساعة (34)} هي والزخرف آية (85).
– {َيُنَزِّلُ الْغَيْثَ (34)} هي والشورى آية (28).
031.7.4.5- الخمسة آيات كاملة وهي (2، 4، 5، 8، 30) تكررت في سور أخرى، ومعظم معاني وكلمات السورة مكررة في السور الأخرى، لكن يوجد آية وكلمات لم ترد إلا فيها ولم تتكرر في غيرها مثل: الآية {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}؛ والكلمات لقمان، أسبغ، تصعّر، خدّك، نفدت، نضّطرّهم، ختار، عَمَد هي والرعد.
031.7.5- الإشارة إلى عدد آيات القصص والأمثال والآيات وباقي الموضوعات في السورة:
031.7.5.1- آيات القصص: (12، 13، 16-19) = 6 آيات.
031.7.5.2- الأمثال في الآيات: (27، 28، 32) = 3 آيات.
031.7.5.3- آيات الله في السماوات والأرض في الآيات: (10، 11، 20، 25، 26، 29-31، 34) = 9 آيات.
031.7.5.4- مقصد السورة وموضوعاتها في الآيات: (1-9، 14، 15، 21-24، 33) = 16 آية.
031.7.6- ملخص موضوعات السورة:
031.7.6.1- بيان الآيات الدالة على أسماء الله الحسنى وصفاته العلى نراها في مخلوقاته في السماوات بغير عمد والأرض والماء والزرع والدواب والوالدين والنعم السابغة ظاهرة وباطنة والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والفلك. وهو أن الله له ما في السماوات والأرض وهو: رب كل شيء وخالقه، عزيز حكيم، غني حميد، لطيف خبير، عليم بذات الصدور، هو الحق، سميع بصير، العلي الكبير، إليه عاقبة الأمور. يلاطف فيها سبحانه عباده بأسمائه بأن كل ما هم بحاجة إليه من الغنى، والعز، والأمن، والأمان، والسلام، وعدم الظلم، والجزاء على الأعمال، وكل ما يحمله معنى الحكمة بإصابة الحق وجعل الأشياء في نصابها، يجدونه عنده وحده. وأنه سبحانه لا يحبهم أن يكونوا متكبرين فخورين لأن هذا ضد الحكمة، وأن تكبرهم وإعراضهم عن آياته ومعصيتهم يضطرهم إلى العذاب الغليظ. من الملاحظ في السورة أنها لم تذكر صفات البطش والقوة لله تعالى (مثل الجبار المتكبر القهار القوي شديد العقاب وغيرها). الآيات: (5، 7، 9-12، 14-16، 18، 20، 22-34) = 24 آية.
كما ذكرت السورة أفعاله سبحانه القائمة على الخلق والحق والهداية والرحمة وعلى كل ما هو معروف جميل في الحياة وفيه نعيم للإنسان. جعلكم أشداء بعد وهن، وجعلكم أزواجاُ، آباء وأبناء، وأسرة، وسخر لكم ما في السماوات والأرض وأسبغ عليكم نعمه، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فقد وعد سبحانه الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالفلاح وأن لهم جنات النعيم خالدين فيها.
031.7.6.2- أراد الله من الناس اتباع الدين الذي خلقهم لأجله والأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة لكي يدوم لهم بفعلهم (هذه الأعمال الصالحة، وإقامة الدين مخلصين) النعيم والأمن والجمال والصلاح في السماوات والأرض. هداهم ورحمهم وأمرهم بالعبادة وإسلام الوجه له سبحانه واتباع دينه والصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواضع والصبر على البلاء، والشكر لله وللوالدين والتمسك بالعروة الوثقى، كل ذلك لأجل فلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة. الآيات: (3-5، 8، 12-15، 17-19، 22، 23، 25، 31-33) = 17 آية.
031.7.6.3- بين سبحانه ماذا فعل الناس مخالفين الحكمة. وهو بيان معجز يبين أن الله عليم خبير، يعلم الغيب وما ستكسب كل نفس غداً، وحقيقة ما يفعله الناس أو سيفعلونه في الدنيا. فالناس كما صرحت به الآيات: يجادلون في الله بغير علم، ومختالين فخورين، ويقلدون آباءهم على الباطل، يلبّون دعوة الشياطين، منهم من يشري لهو الحديث، ليضل عن سبيل الله، ويتخذها هزواُ، ومنهم من ولى مستكبراً، يدعون من دونه الباطل، يجحدون بآيات الله، وغرّهم بالله الغرور، وأن أكثرهم كافرين، ومشركين. الآيات: (6، 7، 12، 13، 15، 18-21، 23، 25، 30، 32، 33) = 14 آية.
031.7.6.4- بين لهم فيه سبحانه ما يستحقونه من الثواب والعقاب جزاء أعمالهم وتصرفاتهم في كلا الحالتين أي إن هم أحسنوا فأصلحوا أو هم أساءوا فأفسدوا. فالهدى والرحمة للمحسنين، والفلاح للمؤمنين، وجنات النعيم للذين آمنوا وعملوا الصالحات خالدين فيها، كذلك الشكر لله يقابله الزيادة في الدنيا، والتمسك بالعروة الوثقى. والعذاب المهين لمن يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزواً، والعذاب الأليم لمن ولّى مستكبراً عن آيات الله، وأن إعراضهم عن الهدى يؤدي بهم إلى الضياع والضلال عن طريق الأمان والحق، ومن كفر فيمتعه قليلاً ثم يضطره إلى عذاب غليظ. الآيات: (2، 3، 5-9، 11، 12، 21، 24، 33) = 12 آية.
031.8 تناسب وتناسق السورة مع غيرها من السور:
031.8.1- قال الإمام جلال الدين السيوطي: في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح بِ {الم} أن قوله تعالى هنا: {هُدى ورحمة للمُحسنين الذين يقيمونَ الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هُم يوقنون} متعلق بقوله في آخر سورة الروم: {وقالَ الذينَ أُوتوا العلمَ والإِيمان لقد لبثتُم في كتاب اللَهِ} وأيضاً ففي كلتا السورتين جملة من الأديان وبدء الخلق وذكر في الروم: {في روضة يحبرون} وقد فسر بالسماع وفي لقمان: {ومِنَ الناسِ مَن يَشتري لهوَ الحديث} وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي.
031.8.2- جاء في سورة الروم {فأقم وجهك للدّين حنيفاً. فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله. ذلك الدين القيّم. ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون (30). منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين (31)} الروم. وقد جاء تفصيل هذا المعنى أبلغ تفصيل في سورة لقمان بل كان الغرض الأساسي والمقصد الذي جاءت لأجله وفصلته سورة لقمان. ختمت الروم بالأمر بالصبر، وفي لقمان الآية (17) الصبر على الفتن.
031.8.3- تناسب سورتي لقمان والبقرة:
اتحدت السورتان في افتتاحيتيهما {ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}، {ألم، تلك آيات الكتاب الحكيم، هدى ورحمة للمحسنين}. ثم جاء في سورة البقرة قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}. وجاء في سورة لقمان قوله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد}، وقوله تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى}. وفي لقمان: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور}. المعنى في الآيات (1-11) من سورة لقمان تكرار للمعنى في الآيات (1-29) من سورة البقرة. تقرير اليقين بالآخرة والعبادة لله: تكرر في الآيات (1-4) من السورتين. والآية {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5)} هي نفسها الآية (5) في السورتين.
031.8.4- قال الإمام البقاعي: سورة لقمان مقصودها إثبات الحكمة للكتاب اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله، وقصة لقمان المسمى به السورة دليل واضح على ذلك. كأنه سبحانه لما أكمل ما أراد من أول القرآن إلى آخره براءة (التوبة) التي هي سورة غزو الروم (في غزوة تبوك)، وكان سبحانه قد ابتدأ القرآن بعد أم القرآن (الفاتحة) بنفي الريب عن هذا الكتاب، وأنه هدى للمتقين، واستدل على ذلك فيما تبعها من السور (سورة آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، الأنفال، التوبة)، ثم ابتدأ سورة يونس بعد سورة غزو الروم بإثبات حكمته، وأتبع ذلك دليله إلى أن ختم سورة الروم، ابتدأ دوراً جديداً على وجه أضخم من الأول، فوصفه في أول هذه التالية للروم بما وصفه به في يونس التالية لغزو الروم، وذلك الوصف هو الحكمة وزاد أنه هدى وهداية للمحسنين، فهؤلاء أصحاب النهايات، والمتقون أصحاب البدايات.
031.8.5- وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير: لما تكرر الأمر بالاعتبار والحض عليه والتنبيه بعجائب المخلوقات في سورة الروم كقوله سبحانه: {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق (8)} الروم، وقوله: {أولم يسيروا في الأرض (9)} الروم، وقوله: { الله يبدؤا الخلق ثم يعيده (11)} الروم، وقوله: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي (19)} الروم، إلى قوله: {كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون (28)} الروم وهي عشر آيات تحملت من جليل الاعتبار والتنبيه ما لا يبقى معه شبهة ولا توقف لمن وفق إلى ما بعد هذا من آيات التنبيه وبسط الدلائل وذكر ما فطر عليه العباد وضرب الأمثال الموضحة سواء السبيل لمن عقل معانيها وتدبر حكمها إلى قوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل (58)} الروم، وهي إشارة إلى ما أودع الله كتابه المبين من مختلف الأمثال وشتى العظات وما تحملت هذه السورة من ذلك، أتبع سبحانه ذلك بقوله الحق: {الم تلك آيات الكتاب الحكيم} أي دلائله وبراهينه لمن وفق وسبقت له الحسنى وهو المحسنون الذين ذكرهم بعد، ووصف الكتاب بالحكيم يشهد لما مهدناه، ثم أشار سبحانه إلى من حرم منفعته والاعتبار به، واستبدل الضلالة بالهدى، وتنكب عن سنن فطرة الله التي فطر الناس عليها فقال: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} – الآيات، ثم أتبع ذلك بما يبكت كل معاند، ويقطع بكل جاحد، فذكر خلق السماوات بغير عمد مرئية مشاهدة لا يمكن في أمرها امتراء، ثم ذكر خلق الأرض وما أودع فيها، ثم قال سبحانه {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه} ثم اتبع ذلك بذكر من هداه سبيل الفطرة فلم تزغ به الشبه ولا تنكب سواء السبيل فقال: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} – الآية، لتأسيس من اتبع فطرة الله التي تقدم ذكرها في سورة الروم، ثم تناسق الكلام وتناسج – انتهى.