العودة إلى فهرس السور: اضغط هنا (تسهيل فهم وتدبّر سور القرآن)


077.0 سورة المرسلات


ملاحظة: قبل البدئ بهذه السورة، يجب الاطلاع على ما يلي:
– المقدّمة والتمهيد: اضغط هنا
– تسهيل فهم وتدبّر القرآن: اضغط هنا


077.1 التعريف بالسورة:

1) مكية. 2) من المفصّل. 3) عدد آياتها 50 آية. 4) السابعة والسبعون من حيث الترتيب في المصحف. 5) والثالثة والثلاثون حسب ترتيب النزول، نزلت بعد “الهمزة”. 6) ليس لها أسماء أخرى.

7) أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في السورة: لم يذكر فيها اسم الجلالة {الله}؛ لكن ذُكِر (1 مرّة): نِعْمَ الْقَادِرُونَ، خلق، جامع، يفعل. انظر أيضاً في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: الفصل رقم 1.7: أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في القرآن.

السورة الوحيدة التي ذكرت فيها الكلمات: الآية {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} 10 مرّات؛ (1 مرّة): المرسلات، عرفاً، كفاتاً، شامخات، شُعَب، شرر.

أكثر سورة تكرر فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (10 مرّات): ويل، يومئذ؛ (2 مرّة): عصفاً، نشراً.

تكررت فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: مكذبين 11 مرّة، يوم 5 مرّات؛ (3 مرّات) الفصل، قدر، ظل، جعل؛ (2 مرّة): فرقاً، انطلقوا، ماء، مجرمين، الأولين، كيد، يركع؛ (1 مرّة): فالملقيات، ذكراً، عذراً، نذراً، طمست، فرجت، نسفت، أقتت، جمالت، صفر.

077.2 فضائلها وما ورد عنها من الأثر:

قال أبو بكر رضي الله عنه سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يا رسول الله قد شبت؟ قال “شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعمّ يتساءلون وإذا الشمس كوّرت”.

أخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة والمرسلات عرفاً، فإنه يتلوها وإني لألقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت عليه حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها فابتدرناها فذهبت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقيت شركم كما وقيتم شرها.

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “نزلت {والمرسلات عرفاً} نحو ليلة الحية. قالوا وما ليلة الحية؟ قال: خرجت حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها، فتغيبت في حجر. فقال: دعوها فإن الله وقاها شركم كما وقاكم شرها”.

077.3 وقت ومناسبة نزولها:

موضوع السورة يدلّ على أنها نزلت في بداية العهد المكّي. وإذا قرأنا هذه السورة مع السورتين السابقتين، أي الإنسان والقيامة، ومع السورتين التاليتين، أي النبأ والنازعات، سيتضح أن هذه السور نزلت في نفس المرحلة الزمنية وتعالج موضوعاً واحداً بطرق مختلفة، وهو نفس الموضوع المسيطر على عقول الناس في مكّة والمتعلق باعتقادهم باستحالة البعث والحساب على الأعمال. انظر أيضاً كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن في المبحث: 1.5.5- مراحل نزول القرآن المكي.

077.4 مقصد السورة:

077.4.1- التأكيد على أن وعد الله بوقوع يوم الفصل بين العباد والجزاء على الأعمال حق، وهو يوم القيامة. الويل في ذلك اليوم للمكذبين الذين لا عذر لهم بعد أن قامت عليهم الحجة، والنجاة والتكريم للمتقين المحسنين الذين آمنوا بكلام الله.

077.4.2- ومقصدها نجده في مطلعها في الآيات (1-7): حيث تبدأ بالقسم على صحة وقوع يوم الفصل والجزاء على الأعمال. وتحذير الناس من عواقب إنكار الآخرة {ويل يومئذ للمكذبين}، لأنها لا محالة واقعة {إنما توعدون لواقع (7)}. وفيها تأكيد حصول البعث ووجود الآخرة، وتحذير متكرر للناس من عواقب إنكارها، وتختم بالسؤال عن أي كلام غير كلام الله يؤمنون.

077.4.3- وقال البقاعي: سورة المرسلات وتسمى العرف، مقصودها الدلالة على آخر الإنسان من إثابة الشاكرين بالنعيم، وإصابة الكافرين بعذاب الجحيم، في يوم الفصل بعد جمع الأجساد وإحياء العباد بعد طي هذا الوجود وتغيير العالم المعهود بما له سبحانه من القدرة على إنبات النبات وإنشاء الأقوات وإنزال العلوم وإيساع الفهوم لأحياء الأرواح وإسعاد الأشباح بأسباب خفية وعلل مرئية وغير مرئية، وتطوير الإنسان في أطوار الأسنان، وإيداع الإيمان فيما يرضى من الأبدان، وإيجاد الكفران في أهل الخيبة والخسران، مع اشتراك الكل في أساليب هذا القرآن، الذي عجز الإنس والجان، عن الإتيان بمثل آية منه على كثرتهم وتطاول الزمان، واسمها المرسلات وكذا العرف واضح الدلالة على ذلك لمن تدبر الأقسام، وتذكر ما دلت عليه من معاني الكلام.

077.5 ملخص موضوع السورة:

نزلت في بداية العهد المكّي، ومقصدها إثبات وقوع البعث والحساب على الأعمال. استهلّت بالقسم على صحته {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)}، وتضمّنت خمسة براهين محسوسة على أن البعث حق، مصحوبة بما يناسبها أو ما سيقع نظيرها من الأحداث في ذلك اليوم الموعود، ويصحبها كذلك الوعيد بالهلاك والعذاب للمكذبين {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، تكررت عشر مرّات بعد كلّ برهان، وختمت بقوله {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)} أي بعد القرآن وآياته.

وتنوّعت هذه البراهين في ثلاث مجموعات مختلفة من الآيات، وهي: (15 آية) القسم بالرياح والملائكة التي لا تُرى ولكن يُرى أثرها، ليتناسب هذا الدليل مع حقيقة وقوع الوعد في الغيب الذي لا نراه ولكن نرى دلائله وأثر آيات وقوعه؛ ثمّ (30 آية) الإشارة إلى ثلاثة براهين محسوسة في الدنيا مع ما يناسبها أو ما سيقع نظيرها في الآخرة: فهلاك الأمم المجرمين في الدنيا (تجربة إنسانية حقيقة علمناها من قصص القرآن) يتناسب مع انطلاقهم إلى هلاكهم في الآخرة وإلى ما كانوا به يكذبون، وكذلك خلقهم من ماء وتقدير أمرهم (الآيات في الأنفس) مقابل أنهم قد قامت عليهم الحجّة وجرت عليهم الأقدار فلا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، وأيضاً جعل الأرض كفاتاً والرواسي الشامخات والماء الفرات (آيات الكون) مقابل الظلال والعيون والفواكه والشراب في الجنة؛ ثمّ (5 آيات) الدليل بالعقل على وجوب الجزاء: فالذين تمتعوا بالنعمة وأجرموا، وأمروا بالركوع فلم يركعوا ولم يشكروا فالويل لهم، كما يلي:

(الآيات 1-15): القسم بالملائكة المرسلة (عُرْفاً) بما نعرفه من أمر الله ووحيه، والرياح المسخّرة، والملائكة تنشر الوحي والرياح تنشر السحب، وتفرق كذلك بين الحق والباطل وتبدّد السحب، وتلقي الذكر إعذاراً وإنذاراً، على أنّ الوعد بالبعث والفصل بين الناس والجزاء بالأعمال لواقع، فإذا ما وقع انطمست النجوم، وانفتحت السماء، ونسفت الجبال، وتجمع الرسل، وفُصل بين الخلائق ف {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}.

(الآيات 16-45): الإشارة إلى سنّة الله في إهلاك الأمم المجرمة في السابق وفي كلّ حين، وآيات قدرته على خلقهم من ماء مهين، وتقديرهم وتصويرهم وإخراجهم {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)}، وآيات تسخير الأرض لمصالحهم تحوزهم أحياءً على ظهرها وأمواتاً في بطنها، وجعل فيها الجبال والماء العذب، إلا أنهم في مقابل هذه السنن المعلومة بالتجربة والآيات المعلومة بالعقل والملموسة بالحواس كذبوا فالويل لهم {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)} إلى نار ذات ظلّ لا يغني من اللهب وترمي بشرر عظيم كالقصر، حيث لا أحد يتكلم ولا أحد يعتذر فقد أقيمت عليهم الحجّة بالعمل، وذكر كذلك جزاء المتقين يوم القيامة في الظلال الحقيقية تحت الأشجار في الجنات والعيون والفواكه والشراب.

(الآيات 46-50): تهديد ووعيد للمكذبين الذين انشغلوا في الدنيا بالأكل والشرب وتمتعوا وكانوا مجرمين، وأُمروا بالصلاة فامتنعوا واستحقوا العذاب، ثمّ ختمت بتقرير أنهم إن لم يؤمنوا بهذا القرآن وآياته وبراهينه فلا شيء بعده يمكن أن يجعلهم يؤمنوا، فالويل لهم، لا عقل ولا قلب ولا حجّة لهم.

هي الأخيرة في الجزء التاسع والعشرين (29) الجزء قبل الأخير من القرآن، ولسان حالها مجتمعة (11 سورة)، يقول أن الله سبحانه قد هدى وعلّم ووعظ وأقام الحجّة على الناس: وذلك بالإعلام في سورة الملك عن ملكه وعلمه وخلقه وتدبيره، وبالرسول في القلم، وبالقرآن في الحاقّة، وبحسن التدبير في المعارج، وتمام الدعوة في نوح، وسهولة القرآن وقربه من العباد في الجن، والاستعانة بالصلاة والقرآن في المزّمل، والإنذار والوعظ في المدّثر، وأسباب الكفر في القيامة، ودواعي الشكر في الإنسان، وقد أعذر من أنذر، وهو مقصد المرسلات الذي لخّصته الآيات: {عُذْراً أَوْ نُذْراً (6)}، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49)}، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)}. إنها نعمة عظيمة وفضل من الله كبير على الناس بالعلم والمعرفة والهدى، وقد خلق الإنسان متعلماً، وسيظل كذلك يسأل عن علم الغيب والساعة وأنبائها والمستقرّ والمصير وغيره، لذلك أعقبها في الجزء الأخير بالإجابة على سؤالهم {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} النبأ، وعن البعث بعد الموت {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)} النازعات، ثم أعقبها تأكيد صدق وعد الله بالبعث والجزاء على الأعمال وإنذار المعرضين المكذبين في سبع سور، من عبس إلى الطارق.

نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنّا. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كلّ شر.

077.6 بعض التفاصيل عن موضوع السورة:

باعتبار ترتيب آياتها: ابتدأت السورة بالقسم بالرياح والملائكة بأنه قد أعذر وأنذر، وبأن وعده بالفصل بين الناس بأعمالهم حق. وختمت بتقرير أنهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث فلا شيء بعده يمكن أن يجعلهم يؤمنون. ولبيان ولتسهيل فهم هذا الإعذار والإنذار احتوت السورة على ثلاثة موضوعات هي: وصف أهوال يوم الفصل ثم بيان الأدلّة على حصوله، وبيان مصير الفريقين ووصف ما ينتظرهم في النار من العذاب أو في الجنة من النعيم، وبيان سبب كفرهم وعدم إيمانهم وهو إجرامهم وتمتعهم بالنعيم.

077.6.1- القسم بالرياح والملائكة بأنه قد أعذر وأنذر وبأن وعده بالفصل بين الناس بأعمالهم حق:

الآيات (1-7) أقسم تعالى على وقوع البعث والجزاء بالأعمال، بالملائكة التي يرسلها بشئونه لتدبير العالم وبالوحي إلى الرسل. وسرعتها في التنفيذ كالريح العاصف. وقد يكون القسم بالريح العاصفة نفسها. وأقسم تعالى بالناشرات: يحتمل أنها الملائكة تنشر أمر الله وتلقي الذكر إلى الرسل لإعذار وإنذار الناس، أو أنها السحاب ينشر بها الأرض فيحييها بعد موتها.

077.6.2- وصف أهوال يوم الفصل ثم بيان الأدلّة على حصوله:

077.6.2.1- الآيات (8-15) وصف أهوال يوم الفصل: فإذا ما وقع فتنطمس النجوم، وتفتح السماء، وتنسف الجبال. وذلك هو اليوم الذي أقتت فيه الرسل للحكم بينها وبين أممها.

077.6.2.2- الآيات (16-28) لحرصه على أن يفهم الإنسان حقيقة الوجود الحالي والبعث يوم القيامة، ورحمة به، يحاوره تعالى بحقائق يعرفها جيداً. فآثار الأمم التي أهلكها الله مشاهدة، وقدرة الله على خلق الإنسان من ماء مهين شيء معلوم، ونعمة الله بتسخير الأرض شيء يمارسه الإنسان يومياً: ففيها القبور وفيها الدور وفيها الجبال وفيها الماء.

077.6.3- بيان مصير الفريقين الكافر والمؤمن، ووصف ما ينتظرهم في النار من العذاب أو في الجنة من النعيم:

077.6.3.1- الآيات (29-40) من الويل الذي أعد للمكذبين يوم القيامة أن يستظلّوا بنار جهنم الذي تتمايز فيه ثلاث شعب والتي حجم الشرر فيها عظيماً كالقصر، حيث لا أحد يتكلم ولا أحد يعتذر من شدّة الرعب.

077.6.3.2- الآيات (41-45) ذكر ثواب المتقين يوم القيامة من الظلال الحقيقية تحت الأشجار في الجنات والعيون والفواكه والشراب.

077.6.4- بيان سبب كفرهم وعدم إيمانهم وهو إجرامهم وتمتعهم بالنعيم:

الآيات (46-49) تهديد ووعيد للمكذبين، أنهم وإن أكلوا في الدنيا وشربوا وتمتعوا، فإنهم يستحقون ما يستحقه المجرمون، وستنقطع عنهم اللذات، وتبقى عليهم التبعات، فقد أمروا بالصلاة فامتنعوا.

077.6.5- الآية (50) ختمت بتقرير أنهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث فلا شيء بعده يمكن أن يجعلهم يؤمنون. فماذا يريدون بعد القرآن، وأكثر مما قدم لهم فيه من البراهين؟

077.7 الشكل العام وسياق السورة:

077.7.1- إسم السورة {المرسلات}: فالمرسلات كانت بداية السورة وجمهور المفسرين على أن {المرسلات} الرياح وهي صفة الرياح المرسلة، وروي أنها الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي، وروي أنها القرآن بالآيات المتتابعة المرسلة، أو الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله. وسُميت أيضاً {والمرسلات عرفاً}، {والمرسلات}، “والعرف”.

077.7.2- سياق السورة باعتبار موضوعات آياتها:

اشتملت السورة على ثلاثة مواضيع رئيسية، هي: تأكيد حقيقة يوم الفصل مع بيان الأدلّة على حصوله، وأهوال يوم الفصل ومصير الفريقين، وسبب كفرهم وعدم إيمانهم، كما يلي:

077.7.2.1- تأكيد بالقسم على أن الوعد بيوم الفصل حق (وهو يوم القيامة)، مع بيان دلائل قدرة الله على إحياء الناس بعد الموت. الآيات (1-7، 16-18، 20-23، 25-27) = 17 آية

077.7.2.1.1- الآيات (1-7) يقسم ربنا بأن ما وعدنا به لواقع:

أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضاً، وبالرياح الشديدة الهبوب، وبالملائكة الموكلين بالسحب ينشرونها، وبالملائكة التي تنزل بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، وبالملائكة التي تلقى الوحي؛ إعذاراً من الله إلى خلقه وإنذاراً منه إليهم؛ لئلا يكون لهم حجة. إن الذي توعدون به مِن أمر يوم القيامة لواقع لا محالة.

077.7.2.1.2- الآيات (16-18، 20-23، 25-27) عن آيات الله في:

077.7.2.1.2.1- إهلاك المكذبين من الأمم السابقة، ثم من كانوا مثلهم من المتأخرين، وكذلك يفعل بالمجرمين.

077.7.2.1.2.2- دلائل قدرته على خلق الإنسان من ماء مهين، وتقدير مستلزمات بقائه، أنه نعم القادر.

077.7.2.1.2.3- قدرته على تسخير باطن الأرض وظاهرها للأحياء والأموات، وجعل الجبال الرواسي والماء العذب.

077.7.2.2- الإعذار والإنذار بوصف أهوال يوم الفصل. وجزاء الفريقين. الآيات (8-14، 29-33، 35، 36، 38، 39، 41-44) = 20 آية

077.7.2.2.1- الآيات (8-14) عن بدايات يوم الفصل على الأرض: فإذا النجوم طمست، والسماء تصدعت، والجبال نسفت، والرسل أقتت ليوم الفصل بينهم وبين الأمم.

077.7.2.2.2- الآيات (29-33) وصف النار وأهوال النار: يقال للكافرين، انطلقوا إلى العذاب الذي كنتم به تكذبون، فاستظلوا بدخان جهنم ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يدفع من حر اللهب. إن جهنم تقذف بشرر عظيم كالقصر، كأنه إبل سود يميل لونها إلى الصُّفْرة.

077.7.2.2.3- الآيات (35، 36، 38، 39) تصف حالهم بعد انتهاء مهلة العمل والابتلاء وعجزهم عن فعل شيء، فلا كلام ينفعهم ولا عذر، سوى انتظار مصيرهم والجزاء.

077.7.2.3.4- الآيات (41-44) تصف نعيم وحال المتقين المحسنين في الجنة جزاء أعمالهم في الدنيا: في ظلال وعيون، وفواكه مما يشتهون. يقال لهم: كلوا واشربوا شرباً هنيئاً بما كنتم تعملون في الدنيا. إنا كذلك نجزي المحسنين.

077.7.2.3- بيان سبب كفرهم والوعيد لهم بالويل: الآيات (15، 19، 24، 28، 34، 37، 40، 45-50) = 13 آية

077.7.2.3.1- الآيات (15، 19، 24، 28، 34، 37، 40، 45، 47، 49) خمس عدد آيات السورة تتكرر فيها الكلمات نفسها في التوعّد بالويل للمكذبين: هلاك عظيم وعذاب شديد في ذلك اليوم للمكذبين بهذا اليوم الموعود، وهو يوم القيامة الذي فيه الجزاء والحساب وفيه النعيم والعذاب؛ وللمكذبين بآيات الله وبقدرته، وبوعيده، وبالنعم؛ ولكل مكذِّب بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والنبوةِ والبعث والحساب والجزاء.

077.7.2.3.2- سبب كفرهم: الآيات (46، 48) تصف إعراض المجرمين عن الإيمان وانشغالهم في الأكل والتمتع.

077.7.2.3.3- الآية (50) وختمت السورة بتقرير أنه: إن لم يؤمنوا بهذا الحديث (في السورة وفي القرآن، الذي هو عذراً أو نذراً) فلا شيء بعده يمكن أن يجعلهم يؤمنون. وقد ابتدأت السورة أيضاً بالقسم بأنه قد أعذر وأنذر بأن وعده بالفصل بين الناس بأعمالهم حق.

077.7.3- الإشارة إلى عدد آيات القصص والأمثال والآيات وباقي الموضوعات في السورة:

077.7.3.1- آيات القصص: (16-19، 46-50) = 9 آيات.

077.7.3.2- قصص يوم القيامة في الآيات: (8-15، 29-45) = 25 آية.

077.7.3.3- آيات الله في السماوات والأرض: (1-5، 20-28) = 14 آيات.

077.7.3.4- مقصد السورة وموضوعاتها في الآيات: (6، 7) = 2 آيات.

077.8 تناسب وتناسق السورة مع غيرها من السور:

 

077.8.1- تناسب سورة المرسلات مع العشر سور التي سبقتها وهي الملك والقلم والحاقة والمعارج ونوح والجن والمزمل والمدثر والقيامة والإنسان:

لسان حال هذه السور مجتمعة يقول إن الله سبحانه وتعالى قد أقام الحجة على الناس جميعاً، وقد أعذر من أنذر، فلا يلومن أحد إلا نفسه، من أراد الإيمان فقد بلغته رسالته وآياته وحججه وجميع أسبابه الواضحة والتامّة والمتكاملة، ومن أراد الكفر فلن يفيده شيء بعد هذا البلاغ المبين. وهو نفس ما قالته سورة المرسلات في مقصدها والذي تلخصه الآية: {عُذْراً أَوْ نُذْراً (6)} والآية: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)}.

وهذه السور تكمل بعضها بعضاً في الدفاع عن عدل الله، وعن عظيم عنايته وتدبيره وتبليغه وهديه للإنسان، إلى سبل السعادة والرشاد، بينما الإنسان هو ظالم لنفسه بجهله وبإعراضه عن رسل الله وهديه ورسالاته وآياته. ففي سورة الملك: يظهر سبحانه وتعالى عظيم ملكه وقدرته وبركاته المتكاثرة، وعظيم رحمته لعباده بينما هم مكذبون ضالّون؛ وفي سورة القلم: دفاع عن الرسول بأنه في نعمة ربه وأنه على خلق عظيم لأنهم قالوا عنه مجنون؛ وفي الحاقة: دفاع عن القرآن، وإثبات صدق القرآن؛ وفي المعارج: حسن تدبير الله الأمر؛ وفي نوح: استنفاذها كل وسائل الدعوة والتذكير؛ وفي الجن: سهولة كلام الله وقربه من العباد، وحاجتهم إلى دينه الهادي إلى الرشد الناهي عن الباطل؛ وفي المزمل: تأمرهم بما يصلحهم، بطاعة الله بأفضل الصلوات وهي قيام الليل، وأفضل الكلام وهو القرآن، وأفضل الأعمال وهي التبتل إلى الله؛ وفي المدثر: تنذرهم بأن مصيرهم مرهون بما كسبوا فإما الجنة أو النار، لكن أكثرهم مكذبين ومعرضين لا يتذكرون ولا يتعظون؛ وفي القيامة: تخويف الناس بالقيامة لعلهم يرتدعوا، وتبين أسباب كفر الإنسان لعلهم يتذكروا فيتعظوا؛ وفي الإنسان: بشائر وترغيب مع بيان دواعي وأسباب الإيمان وشكر الله وعبادته: وهي تكريم الله للإنسان وتهيئة جميع أسباب السعادة له في الدنيا والآخرة؛ وفي المرسلات: وعد الله حق، جعل يوم الفصل بين العباد والجزاء على الأعمال، وتشير إلى اكتمل في ما سبق من السور بأن أقيمت عليهم الحجة {عُذْراً أَوْ نُذْراً (6)} فليس بعد هذا من حديث يؤمنوا به. (أنظر كذلك ملخص موضوع السورة أعلاه)

077.8.2- تناسب المرسلات مع الرحمن والقمر بتكرار أحد الآيات: تؤكد سورة المرسلات حصول البعث ووجود الآخرة والفصل بين العباد وتبين دلائل قدرة الله في الخلق، وتحذر المكذبين بأسلوب شديد، فبعد كلّ مشهد من مشاهد القيامة أو الجزاء بالعذاب أو بالنعيم تأتي آية {ويل يومئذ للمكذبين} وقد تكررت عشر مرّات في السورة. وهذا يشبه الآية {فبأيّ آلاء ربّكما تكذبان} التي في سورة الرحمن تأتي عقب كلّ نعمة من نعم الله. وكذلك آية {فكيف كان عذابي ونذر} في سورة القمر التي تأتي بعد كلّ حلقة عقاب.

077.8.3- قال الإمام جلال الدين السيوطي: وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما أخبر في خاتمتها أنه {يدخل من يشاء في رحمتهِ والظالمين أَعدَّ لهُم عذاباً أَليماً (31)} افتتح هذه بالقسم على أن ما يوعدون واقع فكان ذلك تحقيقاً لما وعد به هناك المؤمنين وأوعد الظالمين ثم ذكر وقته وأشراطه بقوله: {فإِذا النُجومُ طمست (8)} إلى آخره ويحتمل أن تكون الإشارة بما يوعدون إلى جميع ما تضمنته السورة من وعيد للكافرين ووعد للأبرار.

077.8.4- وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: أقسم تعالى بالملائكة المتتابعين في الإرسال، والرياح المسخرة، وولايته بالمطر والملائكة الفارقة بمائه بين الحق والباطل، والملقيات الذكر بالوحي إلى الأنبياء إعذاراً من الله وإنذاراً، أقسم تعالى بما ذكر من مخلوقاته على صدق الموعود به في قوله {إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيراً (4)} الإنسان، وقوله {إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً (10)} الإنسان، وقوله {وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً (12)} الإنسان، الآيات إلى {وكان سعيكم مشكوراً (22)} الإنسان، وقوله {ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً (27)} الإنسان، وقوله {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً (31)} الإنسان، ولو لم يتقدم إلا هذا الوعد والوعيد المختتم به السورة لطابقه افتتاح الأخرى قسماً عليه أشد المطابقة، فكيف وسورة {هل أتى على الإنسان (1)} الإنسان، مواعد أخراوية وإخبارات جزائية، فأقسم سبحانه وتعالى على صحة الوقوع، وهو المتعالي الحق وكلامه الصدق.

راجع تناسب سورة النازعات مع غيرها من السور (079.8.1)، حول تناسب السور الخمسة مع بعضها: القيامة والإنسان والمرسلات والنبأ والنازعات.

– انظر 4.2.4.18.2.0- جدول يبيّن تناظر نصفي القرآن، ويلخص تناسب مقاصد سوره حول أن الإيمان واتباع طريق الهدى نعمة وسعادة وفلاح في الدنيا والآخرة.

– انظر الجدول 7.4.9: وفيه تلخيص مقصد القرآن: وهو الهدى إلى طريق السعادة والزكاة بثلاثة أشياء مجتمعة هي: العقل والقلب والجسد، وأن الناس فريقين شقي وسعيد.

أعلى الصفحة Top