العودة إلى فهرس السور: اضغط هنا (تسهيل فهم وتدبّر سور القرآن)
099.0 سورة الزلزلة
ملاحظة: قبل البدئ بهذه السورة، يجب الاطلاع على ما يلي:
– المقدّمة والتمهيد: اضغط هنا
– تسهيل فهم وتدبّر القرآن: اضغط هنا
099.1 التعريف بالسورة:
1) مكيّة أو مدنية. 2) من المفصّل. 3) عدد آياتها 8 آيات. 4) التاسعة والتسعون من حيث الترتيب في المصحف. 5) والسادسة والتسعون حسب ترتيب النزول، نزلت بعد “سورة النساء”. 6) ليس لها أسماء أخرى.
7) أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في السورة: رب 1 مرة، ولم يذكر فيها لفظ الجلالة. انظر أيضاً في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: الفصل رقم 1.7: أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في القرآن.
تكررت فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (3 مرّات): يعمل، يره؛ (2 مرّة): زلزلت، الأرض، الإنسان، لها، يومئذ، فمن، مثقال، ذرّة؛ (1 مرّة): أثقالها، يصدر، أشتاتاً، خير، شر.
099.2 فضائلها وما ورد عنها من الأثر:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن”.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه في الحديث الذي سأل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، رجل من أصحابه: “هل تزوجت يا فلان”؟ قال لا والله يا رسول الله ما عندي ما أتزوّج به. قال: “أليس معك {إذا زلزلت الأرض زلزالها}؟ قال: بلى. قال: “ربع القرآن”، إلى آخر الحديث.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله، فقال: “اقرأ من ذوات آلر” فقال: كبرت سنّي، واشتدّ قلبي، وغلظ لساني. فقال: “اقرأ ثلاثا من ذوات حم” فقال مثل مقالته، فقال: “اقرأ ثلاثا من المسبّحات” فقال مثل مقالته. فقال الرجل: يا رسول الله أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض زلزالها} حتى فرغ منها.
099.3 وقت ومناسبة نزولها:
فيما إذا كانت نزلت في مكّة أو المدينة مختلف فيه: ابن مسعود وعطاء وجابر، ومجاهد قالوا إنها مكّية وقد ورد عن ابن عباس قول يؤيّد هذا الرأي. وفي المقابل قتادة ومقاتل قالوا إنها مدنيّة، وقد ورد أيضاً عن ابن عباس قول يؤيّد هذا الرأي. والسبب عند من قال إنها مدنية هو حديث أبي سعيد الخدري التالي:
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره} قلت: يا رسول الله إني لراء عملي؟ قال: نعم. قلت: تلك الكبار الكبار؟ قال: نعم. قلت: الصغار الصغار. قال: نعم. قلت: واثكل أمي. قال: ابشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفوا الله، ولن ينجو أحد منها بعمله. قلت: ولا أنت يا نبي الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بالرحمة.
لأن أبي سعيد الخدري هو من سكان المدينة وبلغ الرشد بعد غزوة أحد. فإذا كانت هذه السورة نزلت بحضوره كما هو واضح فهذا يعني أنها مدنيّة. إلا أن ما تعوّد عليه الصحابة والتابعين فيما يتعلّق بمناسبات نزول السور والآيات من أنهم كانوا ينسبونها إلى أحداث تحدث لاحقاً، ولا يعني أن هذا الحديث صار مناسبة لنزولها. وقد تكون هذه الحادثة حصلت بعد مرور وقت طويل على نزول السورة إلا أن أبو سعيد الخدري سمعها لأول مرة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فخاف عندما سمع الجزء الأخير فسأل الأسئلة التي في الحديث. وقد تكون هذه الحادثة حصلت عندما نزلت هذه الآية فسأل الأسئلة ثمّ ألحقت الآية لاحقاً إلى مكانها في السورة.
ولو غاب هذا الحديث، فإن كل من يقرأ القرآن بفهم وتمعّن سيشعر بأن هذه السورة لا بد إلا أن تكون مكّية. بل أن موضوع السورة وأسلوبها يوحي بأنها نزلت مع أوائل السور التي نزلت في مكّة عندما بدأ القرآن يعرض على الناس الدين بصورة موجزة ولكن بطريقة فاعلة ومؤثرة.
099.4 مقصد السورة:
099.4.1- التحريض على فعل الخير، والتحذير من فعل الشر، وذلك عن طريق التخويف من أحوال وأهوال وشدائد يوم القيامة والحساب، حيث تزلزل الأرض ويخرج الموتى ويذهل الإنسان من هول الموقف، ثم التنبيه على الحساب العادل في الآخرة على الأعمال والجزاء.
099.4.2- ومقصدها نجده في الآيتين الأخيرتين (7، 8) فالسورة تنبه بأن الدنيا دار عمل وتكليف فإذا ما زلزلت الأرض يوم القيامة، حوسب الإنسان على مثاقيل الذر من الخير والشر من أعماله وجوزي عليه بالعدل.
099.4.3- وقال البقاعي: مقصودها انكشاف الأمور، وظهور المقدور أتم ظهور، وانقسام الناس في الجزاء في دار البقاء إلى سعادة وشقاء، وعلى ذلك دل اسمها بتأمل الظرف ومظروفه، وما أفاد من بديع القدر وصروفه.
099.5 ملخص موضوع السورة:
اختلفت الروايات في وقت نزولها في مكّة أو المدينة، لكن موضوعها وأسلوبها يوحي بأنها مع أوائل السور التي نزلت في مكّة. ومقصدها هو الترغيب أو التحريض على عمل الخير مهما قلّ وزنه، والترهيب أو التحذير من عمل الشرّ مهما قلّ وزنه لأنّ الإنسان محاسب على مثاقيل الذرّ من الخير والشرّ، فالدنيا دار عمل واختبار والآخرة دار حساب وجزاء. وتضمّنت ثلاث مجموعات من الآيات مترابطة حول البعث بعد الموت والحساب على الأعمال، كما يلي:
(الآيات 1-3): إذا زُلزلت الأرض زلزالاً شديداً، وأخرجت ما فيها من موتى للحساب، فيقولون {مَا لَهَا} فزعاً واستنكاراً.
(الآيات 4، 5): يوم القيامة تخبر الأرض بما عُمل عليها من خير أو شر، وبأنّ الله سبحانه وتعالى أمرها بأن تخبر بما عُمل عليها.
(الآيات 6-8): يومئذ يرجع الناس عن موقف الحساب أصنافاً متفرقين، ليريهم الله أعمالهم ويجازيهم عليها، فمن يعمل وزن ذرّة خيراً يرى ثوابه، ومن يعمل وزن ذرّة شراً يرى عقابه.
ولمّا ذكرت من أحوال وأهوال وشدائد يوم القيامة والحساب على الأعمال للترغيب بعمل الخير ولو قليلاً والترهيب من فعل الشر ولو حقيراً، فقد علم بأنّ الدنيا هي دار عمل والآخرة دار جزاء. وهي واحدة من ستّ (6) سور متتالية ومتناسبة من الزلزلة إلى الهمزة، تؤكّد وتذْكُر بعض التفاصيل عن أنّ الناس محاسبون ومجازون على أعمالهم في الآخرة، ففي الزلزلة: ميزان الله العادل الذي يزن مثاقيل الذر، وفي العاديات: أنّ الله سيخرجهم من قبورهم ويحصّل ما في صدورهم فهو بهم خبير، وفي القارعة: فهم إمّا في عيشة راضية أو نار حامية، وفي التكاثر: ألهاهم التكاثر حتى صاروا إلى المقابر فدفنوا فيها وسيرون الجحيم ثم سيسألنّ عن النعيم، وفي العصر: القسم على أنّ الإنسان في خسارة إلّا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات، وفي الهُمزة: انشغلوا بالهَمز واللمز وجمع المّال ولم ينفقوها بحقها فالويل لهم، وقد تقدمها على نفس السياق اثنتا عشرة (12) سورة من الأعلى إلى البيّنة، تأمرهم بأعمال ترفع درجاتهم وتجعلهم {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)}، وتحذرهم من أعمال تهوي بهم وتجعلهم {شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)}، وأعقبها كذلك سورتي الفيل وقريش: تؤكّدان أنّهم مجازون على أعمالهم في الدنيا قبل الآخرة، ثمّ سورتي الماعون والكوثر: بأنهم مجازون على أعمالهم في الآخرة.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وألهمنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك والثناء عليك حتى ترضى.
099.6 بعض التفاصيل عن موضوع السورة:
موضوع السورة الرئيسي هو الآخرة بعد الموت وأن يرى الناس أعمالهم يوم الزلزلة، يوم يتساءل الإنسان مالها؟ وهذا تحفيز للإنسان ليسأل الآن، ويعمل وهو في متسع من الوقت، وليس بعد فوات الأوان.
099.6.1- الآيات (1-3) تصف باختصار ما الذي سيحدث في الآخرة في النفخة الثانية حين تزلزل الأرض وتلفظ ما فيها من الدفائن ومن الأموات أحياء فيقولون {مالها} انبهاراً واستنكاراً لأمرها بعد أن كانت مستقرّة وساكنة.
099.6.2- الآيات (4، 5) هذه الأرض الجامدة التي نعمل عليها ستتحدث وتخبرنا بأن الله أمرها بالحديث.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {يومئذ تحدّث أخبارها} قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها.
099.5.3- الآيات (6-8) تصف يوم ينصرف الناس من موقف القيامة متفرقين ليروا جزاء أعمالهم فمثقال الذر من الخير يرى ثوابه ومثقال الذر من الشر يرى جزاءه.
وأخرج مالك والبخاري وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر”. الحديث. فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر؟ فقال: “ما أنزل الله فيها شيئاً إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره}”.
وهذه الآية غاية في الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً، والترهيب من فعل الشر ولو حقيراً.
099.7 الشكل العام وسياق السورة:
099.7.1- اسم السورة “الزلزلة”: أي تحركت الأرض من أسفلها بحركة وزلزلة شديدة لتخرج ما تحتها من أثقال، إشارة لأحداث السورة: فكما تخلصت الأرض من الأشياء من داخلها لتذهب إلى مستقرها تفعل الأخرة بأن تخرج أعمال الدنيا إلى مستقرها النهائي.
والزلزلة أيضاً وصف مخيف فيه تحذير بقصد التخويف والانتباه لما بعد هذه الحياة المادية التي نعيشها على الأرض من حساب شديد وجزاء على الأعمال. وزلزلت الأرض زلزالها تعني: الزلزال الذي ما بعده زلزال من الشدّة والقوّة في التأثير والتغيير. كأن نقول: فلان ضرب ضربته، أي النهائية التي تستنفذ كل قواه؛ أو فلان قال كلمته، أي كلمة الفصل المفضلة لديه والنهائية.
099.7.2- سياق السورة باعتبار موضوعات آياتها:
سياق السورة باعتبار موضوعاتها يسوقنا إلى الحذر وتحمّل المسئولية، بالعمل الصالح والبعد عن الفساد في الأرض؛ وإلى العلم بأن الله لم يخلق لنا الدنيا لنلعب بل لنعمل، ثم نحاسب، فنحن نحمل مسئوليّة الخلافة على الأرض بأن نصلحها بعمل الخير ولا نفسدها بعمل الشر. فكان مقصد السورة وموضوعاتها في التحريض على فعل الخير، والتحذير من فعل الشر، وذلك عن طريق التخويف من أحوال وأهوال وشدائد يوم القيامة والحساب، وبالإنذار من شدّة الحساب ودقته، وأن ميزان العدل يزن مثقال الذر، والجزاء يشمل جميع الأعمال، ولا يفوته شيء، كما يلي:
099.7.2.1- الآيات (1-3) ذهول الإنسان وانبهاره مما يرى عند قيام السّاعة قائلاً {ما لَها}: ما بال هذه الأرض زلزلت زلزالها فاضطربت اضطرابا شديدا، حتى تحركت هذه الحركة العظيمة وقذفت ما في بطنها من هذه الأجساد وغيرها، وسوّت كلّ مرتفعاتها، وطمرت كلّ منخفضاتها؛ فأخرجت أثقالها مما دفن فيها من الموتى للبعث والحساب. وقد سمّي الجن والإنس بالثقلين لأن الأرض تثقل بهم إذا كانوا في بطنها ويثقلون عليها إذا كانوا فوقها.
099.7.2.2- الآيات (4، 5) يوم تقع هذه الزلزلة، يوحي إليها ربها فتحدّث الخلائق أخبارها، بما عملت في الدّنيا على ظهرها من خير أو شر، فضلا عن أن أحدا لا يقدر أن ينكر شيئا فعله لعظيم ما يلحقه من الخوف والفزع فيتذكر كلّ شيء فعله بزمانه ومكانه، وتشهد أعضاؤه بما وقع منها على أصحابها.
099.7.2.3- الآيات (6-8) يوم تحدث الأرض النّاس أخبارها بما فعلوا عليها {يَصْدُرُ النَّاسُ} بعد قيامهم من قبورهم يذهبون للعرض على ربهم لإجراء حسابهم على أعمالهم أشتاتاً متفرقين منهم من يؤخذ به ذات اليمين إلى الجنّة، ومنهم من يذهب به ذات الشّمال إلى النّار، {لِيُرَوْا} أعمالهم مكتوبة في الصحائف، وجزاء أَعْمالَهُم التي فعلوها بالدنيا، فتوزن عليهم بميزان يزن مثقال الذرّة التي لا ترى بالعين المجرّدة، فينالون جزاؤها إن كانت خيراً فخير وإن كانت شراً فشر.
فعلى العاقل أن يستحقر ما يفعله من الخير ليعظم اللّه له أجره عليه، وأن يستعظم ما يفعله من الشّر ليهون اللّه عليه وزره في الآخرة. قال ابن مسعود: أحكم آية في القرآن هذه الآية، وسماها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الجامعة. وقال الرّبيع بن هيثم مرّ رجل بالحسن وهو يقرأ هذه السورة، فلما بلغ آخرها قال: حسبي اللّه قد انتهت الموعظة.
099.7.3- وقال الفخر الرازي:
في الآية {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} إشكال وهو أن حسنات الكافر محبطة بكفره وسيئات المؤمن مغفورة، إما ابتداء وإما بسبب اجتناب الكبائر، فما معنى الجزاء بمثاقيل الذرة من الخير والشر؟ واعلم أن المفسرين أجابوا عنه من وجوه:
099.7.3.1- قال أحمد بن كعب القرظي: فمن يعمل مثقال ذرة من خير وهو كافر فإنه يرى ثواب ذلك في الدنيا حتى يلقى الآخرة، وليس له فيها شيء، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً، ويدل على صحة هذا التأويل ما روي أنه عليه السلام قال لأبي بكر: “يا أبا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر ويدخر الله لك مثاقيل الخير حتى توفاها يوم القيامة”.
099.7.3.2- قال ابن عباس: ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيراً أو شراً إلا أراه الله إياه، فأما المؤمن فيغفر الله سيئاته ويثيبه بحسناته، وأما الكافر فترد حسناته ويعذب بسيئاته.
099.7.3.3- أن حسنات الكافر وإن كانت محبطة بكفره ولكن الموازنة معتبرة فتقدر تلك الحسنات انحبطت من عقاب كفره، وكذا القول في الجانب الآخر فلا يكون ذلك قادحاً في عموم الآية.
099.7.3.4- أن تخصص عموم قوله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} ونقول: المراد فمن يعمل من السعداء مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل من الأشقياء مثقال ذرة شراً يره.
099.7.4- الإشارة إلى عدد آيات القصص والأمثال والآيات وباقي الموضوعات في السورة:
099.7.4.1- قصص يوم القيامة في الآيات: (1-6) = 6 آيات.
099.7.4.2- مقصد السورة وموضوعاتها في الآيات: (7، 8) = 2 آية.
099.8 تناسب وتناسق السورة مع غيرها من السور:
099.8.0- ولمّا ذكرت من أحوال وأهوال وشدائد يوم القيامة والحساب على الأعمال للترغيب بعمل الخير ولو قليلاً والترهيب من فعل الشر ولو حقيراً، فقد علم بأنّ الدنيا هي دار عمل والآخرة دار جزاء. وهي واحدة من ستّ (6) سور متتالية ومتناسبة من الزلزلة إلى الهمزة، تؤكّد وتذْكُر بعض التفاصيل عن أنّ الناس محاسبون ومجازون على أعمالهم في الآخرة، ففي الزلزلة: ميزان الله العادل الذي يزن مثاقيل الذر، وفي العاديات: أنّ الله سيخرجهم من قبورهم ويحصّل ما في صدورهم فهو بهم خبير، وفي القارعة: فهم إمّا في عيشة راضية أو نار حامية، وفي التكاثر: ألهاهم التكاثر حتى صاروا إلى المقابر فدفنوا فيها وسيرون الجحيم ثم سيسألنّ عن النعيم، وفي العصر: القسم على أنّ الإنسان في خسارة إلّا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات، وفي الهُمزة: انشغلوا بالهَمز واللمز وجمع المّال ولم ينفقوها بحقها فالويل لهم، وقد تقدمها على نفس السياق اثنتا عشرة (12) سورة من الأعلى إلى البيّنة، تأمرهم بأعمال ترفع درجاتهم وتجعلهم {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)}، وتحذرهم من أعمال تهوي بهم وتجعلهم {شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)}، وأعقبها كذلك سورتي الفيل وقريش: تؤكّدان أنّهم مجازون على أعمالهم في الدنيا قبل الآخرة، ثمّ سورتي الماعون والكوثر: بأنهم مجازون على أعمالهم في الآخرة.
099.8.1- قال الإمام جلال الدين السيوطي: لما ذكر في آخر {لم يكُن} أن جزاء الكافرين جهنم وجزاء المؤمنين جنات فكأنه قيل: متى يكون ذلك فقيل: {إِذا زُلزِلَت الأَرضُ زِلزالها} أي حين تكون زلزلة الأرض إلى آخره. وذكروا في مناسبة هذه السورة لما قبلها وجوها منها: أنه تعالى لما قال: {جَزاؤهُم عِندَ رَبِهِم جناتُ عدنٍ} فكأن المكلف قال: ومتى يكون ذلك يا رب فقال: {إِذا زُلزِلَت الأَرض} ومنها: أنه لما ذكر فيها وعيد الكافرين ووعد المؤمنين أراد أن يزيد في وعيد الكافرين فقال: {إِذا زُلزِلَت الأَرض} ونظيره: {يومَ تبيضُ وجوهٌ وتسودُ وجوه} ثم ذكر ما للطائفتين فقال: {فأَما الذينَ اسودت وجوهَهُم} إلى آخره ثم جمع بينهما هنا في آخره السورة بذكر الذي يعمل الخير والشر.
099.8.2- وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: وردت عقب سورة البرية ليبين بها حصول جزاء الفريقين ومآل الصنفين المذكورين في قوله تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين (6)} إلى قوله: {أولئك هم شر البرية (6)} وقوله: {أن الذين آمنوا (7)} إلى آخر السورة. ولما كان حاصل ذلك افتراقهم على صنفين ولم يقع تعريف بتباين أحوالهم، أعقب ذلك بمآل الصنفين واستيفاء جزاء الفريقين المجمل ذكرهم فقال تعالى: {يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم (6)} إلى آخر السورة.