العودة إلى فهرس السور: اضغط هنا (تسهيل فهم وتدبّر سور القرآن)


084.0 سورة الانشقاق


ملاحظة: قبل البدئ بهذه السورة، يجب الاطلاع على ما يلي:
– المقدّمة والتمهيد: اضغط هنا
– تسهيل فهم وتدبّر القرآن: اضغط هنا


084.1 التعريف بالسورة:

1) سورة مكية. 2) من المفصّل. 3) عدد آياتها 25 آية. 4) الرابعة والثمانون من حيث الترتيب في المصحف. 5) والسادسة والثمانون حسب ترتيب النزول، نزلت بعد سورة “الانفطار”. 6) ليس لها أسماء أخرى.

7) أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في السورة: الله 1مرة، رب 4 مرّات؛ (1 مرّة): بصير، أعلم. انظر أيضاً في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: الفصل رقم 1.7: أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في القرآن.

السورة الوحيدة التي ذكرت فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (2 مرة) حقت، كادح، والآية {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}؛ (1 مرّة): مدّت، تخلت، ثبورا، يحور، الشفق، وسق، اتسق.

أكثر سورة تكرر فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (2 مرّة): مسروراً، طبق.

تكررت فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (2 مرّة): أوتي، كتابه، سوف، يحاسب، أهله، آمنوا.

084.2 فضائلها وما ورد عنها من الأثر:

عن بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنّه رأي العين فليقرأ: إذا الشمس كوّرت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت”.

084.3 وقت ومناسبة نزولها:

هذه أيضاً من السور التي نزلت مبكراً في الفترة الأولى من العهد المكّي. موضوعاتها تشير إلى أن اضطهاد الكفار للمسلمين لم يبدأ بعد. مع هذا فرسالة القرآن كانت مرفوضة علناً في مكّة، والناس يرفضون الاعتراف بالآخرة ويعتقدون استحالة البعث بعد الموت، واستحالة أن يحاسبوا على أعمالهم. انظر أيضاً كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن في المبحث: 1.5.5- مراحل نزول القرآن المكي.

084.4 مقصد السورة:

084.4.1- التأكيد على أن الإنسان في هذه الدنيا ساع إلى ربه يكدح بأعماله، ثم يوم القيامة يلاقي ربه، الذي يراقبه وهو به عليم، فيجازيه على قدر إيمانه واتباعه القرآن وعمله الصالحات بالأجر الغير ممنون أو على تكذيبه بالعذاب الأليم.

084.4.2- ومقصدها كما هو مبين أعلاه نجده في الآيات: (6، 23-25)، وهو أن الكدح في الدنيا لأجل الجزاء في الآخرة.

084.4.3- وقال البقاعي: سورة الانشقاق مقصودها الدلالة على آخر المطففين من أن الأولياء ينعمون والأعداء يعذبون، لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث ولا بالعرض على الملك الذي أوجدهم ورباهم كما يعرض الملوك عبيدهم ويحكمون بينهم فينقسمون إلى أهل ثواب وأهل عقاب واسمها الانشقاق أدل دليل على ذلك بتأمل الظرف وجوابه الدلال على الناقد البصير وحسابه

084.5 ملخص موضوع السورة:

نزلت في الفترة الأولى من العهد المكّي، ومقصدها أن الإنسان في هذه الدنيا ساع إلى ربه يكدح بأعماله في الخير والشرّ، ثم يوم القيامة {يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} ويلقى سروراً، ثواباً على كدحه بإيمانه واتباعه القرآن، أو {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)} جزاءً على كفره. وتضمّنت مجموعتين من الآيات، كل مجموعة تتألّف من شقين الأوّل دليل على الثاني، فاستهلّت (15 آية) باسم السورة وهو انشقاق السماء وما صاحبه من امتداد الأرض التي فيها كل كدح الإنسان وأطوار حياته، لتكون دليلاً على أن السماء بعظمتها إذا انشقّت والأرض مدّت بطواعية واستسلام كامل لأمر الله وعظيم قدرته، فاعلم أيها الإنسان بحكمتك وعقلك الرشيد أنك سائرٌ في طريقك كادح لتلاقي ربك، فإمّا سرور باللقاء وإما ثبور (وشتّان بين السرور والثبور)؛ ثم (10 آيات) القَسَم بثلاث آيات عظيمة دليلاً وتأكيداً على ثلاث حقائق: أن اعلم بحكمتك وعقلك أن انتقال واحمرار الشمس عند الغروب دليلٌ وتأكيد على انتقال وتعاقب أطوار الإنسان، وأن الليل الذي يجمع ويضم المخلوقات تأكيد على أن القرآن الحبل المتين الذي يضمّ المؤمنين، وأن اتساق مراحل القمر حتى يتمّ نوره تأكيد على اتساق مراحل كدح الإنسان حتى يلاقي ربّه ومستقرّه النهائي بأعماله، فإما مكذّب بالقرآن ففي العذاب أو مؤمن يعمل الصالحات فله {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}، كما يلي:

(الآيات 1-5): إذا السماء انشقّت وأطاعت ربها، وإذا الأرض بُسطت، وألقت ما فيها وتخلت حتى لم يبق شيء في باطنها، وانقادت لربها وأذعنت له بالطاعة، وحقّ لها ووجب أن تنقاد، فاعلم أيها الإنسان أنك كذلك ساع إلى ربك بأعمالك من خير وشرّ، فملاقيه يوم القيامة بالحساب والجزاء، فأطع ربك كما أطاعت السماء والأرض ربهما. ثمّ (الآيات 6-15): اعلم أيها الإنسان أنك كادح إلى ربك جهد نفسك بالعمل فملاقيه خيراً كان أو شراً، فالحساب اليسير والسرور للمؤمنين، وتمنّي الموت والعذاب للمكذبين. لقد كان الكافر في أهله مسروراً منعّماً في الدنيا آمناً من الحساب والثواب والعقاب، بلى ليرجعنّ وليبعثنّ وليحاسبنّ على فعله، إن ربه كان به وبأعماله بصيراً لا يخفى عليه شيء.

(الآيات 16-19): يقسم تعالى بالشفق، وهي الحمرة عند غروب الشمس، والليل وما جُمع وضمَّ فيه من المخلوقات، والقمر إذا اجتمع وتمَّ نوره وصار كاملاً، لتركبن في كدحكم إلى ربكم مراتب شديدة متعاقبة، وأطواراً مرتبة بالموت وما بعده من البعث والنشور. ثمّ (الآيات 20-25): عتاب شديد، فما لهم لا يؤمنون؟ وإذا قرء عليهم القرآن لا يَخضعون ولا ينقادون؟ {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)} والله أعلم بما يسرون في صدورهم، فسيجزيهم بالعذاب على تكذيبهم وإعراضهم وبغيهم، {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}.

ولمّا كان مقصد السورة: بيان مصير الإنسان الذي يكدح في الدّنيا ليقدّم لآخرته ما يشاء من خير وشرّ باختياره، فيجازى يوم القيامة على قدر طاعته بالأجر غير الممنون، أو على تكذيبه بالعذاب الأليم، فهي بشارة للمؤمنين بإيمانهم، وتوبيخ وعتاب شديد للكافرين على عقولهم الرشيدة (مناط التكليف) التي لم تؤمن بآيات القرآن وبراهينه {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}، وقد بشرّتهم السورة بالعذاب الأليم {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)}.

وهي واحدة من سبع سور متتالية ومتناسبة في مقاصدها، من عبس إلى الطارق، فيها عتاب شديد على الإنسان المعرض عن التذكرة، المكذّب بيوم الدين والحساب، ابتدأت بسورة عبس: التي ذكّرت بالقرآن جميع الناس على سواء بدون تمييز بين شريف وفقير، ثمّ أتبعتها بستّ سور تبيّن وتؤكد مكامن ومناط التكليف في الإنسان وهي: في سورة التكوير: بالتفكير بالعقل الرشيد الذي يختار الاستقامة، والانفطار: بالاختيار بالقلب المحبّ للرب الكريم، والمطففين: بالأعمال الصالحة، والانشقاق: بتحكيم العقل في اختيار الكدح الصالح المنجي الجالب للسرور في العمل، والبروج: في محبّة واختيار نعيم الآخرة الدائم على الدنيا الفانية، والطارق: بأن القوة والنصر والكيد لله تعالى، يمهلهم قليلاً على كفرهم حتى يأخذهم على غرّة بسوء أعمالهم.

اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، الساجدين المسبحين الحامدين الشاكرين الذاكرين الله كثيراً المتقين المستغفرين والتائبين.

084.6 بعض التفاصيل عن موضوع السورة:

تأكيد أن الكدح في الدنيا لأجل الجزاء في الآخرة: السماء انشقت، والأرض تخلّت، فانقادت إلى أمر ربها لأنه خلقها. الكون وما فيه (منذ أن خلق) سائر إلى ربه فملاقيه، والإنسان كجزء من الكون ساع إلى ربه بأعماله من خير أو شر ثم يلاقي الله يوم القيامة للحساب والجزاء. آيات الله في ذلك واضحة: احمرار الشمس عند الغروب، وجمع الليل للأحياء، وتكامل نور القمر، وتطور الإنسان في مراحل متعاقبة. فأي شيء بعد هذه الآيات يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر والحساب. حيث الحساب اليسير والسرور للمؤمنين، وتمنّي الموت ثم دخول العذاب للمكذبين. فإذا كانت هذه نهايتك ونهاية عالمك فلماذا لا تؤمن وتطيع ربك كما أطاعت السماء والأرض.

084.6.1- الآيات (1-5) يوم البعث تنشق السماء استجابة لأمر ربها وتمتدّ الأرض وتلقي ما في داخلها استجابة لأمر ربها أيضاً لأن ليس لها خيار غير ذلك.

084.6.2- الآيات (6-15) الإنسان المؤمن والكافر سيكدح ويسعى إلى ربه في عمله خيراً أو شراً. وهو لا محالة ملاق لجزاء عمله وما يترتب عليه من الثواب فينقلب مسروراً أو العقاب فيصلى سعيراً. لقد كان الكافر مسروراً لظنه بأنه لا يرجع إلى الله ولا يبعث للحساب والعقاب لتكذيبه بالبعث وجحده للدار الآخرة. بلى ليحورن وليبعثن، إن ربه كان به وبأعماله بصيراً.

084.6.3- الآيات (16-19) فيقسم تعالى ببعض آيات الليل: الشفق أي قبل الغروب، والليل ما وسق أي ما احتوى عليه، والقمر إذا اتسق أي امتلأ نوراً، بأن الإنسان يمر بمراحل متعددة في بطن الأم ثم وليداً وطفلاً ثم مكلفاً ثم الموت ثم البعث.

084.6.4- الآيات (20-25) تعجيب من حال كثير من الناس لا يؤمنون ولا يخضعون للقرآن ولا ينقادون لأوامره ونواهيه، ويعاندون الحق بعدما تبين، والله يعلم سرهم وجهرهم وسيجازيهم بأعمالهم.

084.7 الشكل العام وسياق السورة:

084.7.1- أسم السورة {انشقت} وسورة الانشقاق؛ لافتتاحها به. وهي انشقاق السماء بعظمتها وما صاحبه من امتداد الأرض التي فيها كل كدح الإنسان وأطوار حياته، بطواعية واستسلام كامل لأمر الله وعظيم قدرته، وموضوع السورة هو قدرة الله على إعادة بعث الإنسان ومحاسبته على ما قدّم وأخّر من عمل خير أو شر.

084.7.2- سياق السورة باعتبار ترتيب آياتها:

احتوت السورة على موضوعين في أربعة مجموعات من الآيات، وهي: تخويف وترهيب من شيء مهول لا يمكن وصفه ولا لكلام أن يستوعبه بأنهم سائرون في طريقهم يكدحون ليلاقوا ربهم فإما سرور باللقاء، وإما ثبور؛ ثم تأكيد بقسم بأنهم خلقوا ويتنقلون من طبق إلى طبق إلى مصيرهم النهائي: إما عذاب، وإما أجر غير ممنون.

084.7.2.1- الأول للترهيب مما سيلاقيه الإنسان جزاء عمله خيراً كان أو شراً، لذلك فليعمل صالحاً ينجيه يجلب له السرور، وليتجنب عمل السوء لكي لا يهلك ويدعو ثبوراً ويصلى سعيراً. الآيات (1-15)

084.7.2.1.1- الآيات (1-5) إذا كانت أعظم الأشياء التي يعرفها الإنسان تنقاد لربها فمن باب أولى أن ينقاد الإنسان الضعيف بجسده والقوي بروحه وعقله لربه، فلا يدع شهواته الضعيفة العابرة توقفه عن الانقياد لأمر ربه.

إذا حصلت هذه الأشياء العظيمة وهي انشقاق السماء وتسليمها لربها وإذعانها بالطاعة والانقياد، وإذا الأرض بسطت وجعلت مستوية، وألقت ما فيها وتخلت، حتى لم يبق شيء في باطنها، وانقادت لربها وأذعنت له بالطاعة والتخلية، وحق لها ووجب أن تنقاد لأمر القادر ولا تمتنع، لأنها مخلوقة له في قبضة تصرفهُ. والجواب على {إِذَا} محذوف للتهويل بالإبهام، وفيه دلالة على أهوال عظيمة آتية لا توصف بكلام، ولا يفي بها بيان.

084.7.2.1.2- الآيات (6-15) يا أيها الإنسان إنك ساع إلى ربك، جهد نفسك في العمل والكد فيه، وعامل إلى ربك عملاً فملاقيه به، خيراً كان أو شراً. فليكن عملك مما ينجيك من سخطه، ويوجب لك رضاهُ، ولا يكن مما يسخطه عليك فتهلك.

084.7.2.1.2.1- فليكن عملك صالحاً ينجيك، ويجلب له السرور، فتكون من أصحاب اليمين.

084.7.2.1.2.2- وتجنب عمل السوء وما يجلب لك السخط والهلاك، فتدعو ثبوراً (تنادى بالهلاك) وتصلى سعيراً، تأخذ كتابك وراء ظهرك.

084.7.2.1.2.3- إنه ظن أن لن يحور، أي: لن يرجع إلى ربه، أو إلى الحياة بالبعث، فلم يك يرجو ثواباً ولا يخشى عقاباً، ولا يبالي ما ركب من المآثم. بلى ليرجعن إلى ربه حياً كما كان قبل مماته فربه به بصيراً فيجازيه عليه. ولما كان اللّه تعالى عالما بأحواله كلها فلا يجوز في حكمته إهماله، بل لابد من إثابته على صالح عمله ومعاقبته على سيئه.

084.7.2.2- الثاني القسم والتأكيد على أن حياة الأنسان مراحل متتابعة يتنقل فيها من طبق إلى طبق، فليؤمن ولا يكذب. الآيات (16-25)

084.7.2.2.1- الآيات (16-19) يقسم تعالى بالشفق، وهي الحمرة عند غروب الشمس، والليل وما جُمع وضمَّ فيه من المخلوقات، والقمر إذا اجتمع وتمَّ نوره وصار كاملاً. لتركبن في كدحكم إلى ربكم، مراتب شديدة متعاقبة، وأطواراً مرتبة بالموت وما بعده من البعث والنشور.

وإذا أقسم الرب العظيم بقدرته على جمع المخلوقات فليؤمن الإنسان بأنه يسير من طبق إلى طبق وليتبع هدي القرآن ليصل إلى المستقر الصحيح الذي أراد له الله.

084.7.2.2.2- الآيات (20-25) فما لهم لا يؤمنون بهذا الحديث، وقد أقام لهم الحجة، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يَخضعون ولا يستكينون ولا ينقادون.

بل الذين كفروا يكذبون بآيات الله وتنزيله المبين. يمنعهم العناد عن الإيمان ويصدهم عن الإذعان. والله أعلم بما يسرون في صدورهم، وإن أخفوه عناداً، فسيجزيهم بالعذاب على تكذيبهم وإعراضهم وبغيهم. ألا الذين آمنوا وعملوا لصالحات لهم أجر غير ممنون به عليهم.

084.7.3- سياق السورة باعتبار موضوعات آياتها:

احتوت السورة على موضوعين فيهما تسهيل فهم مقصد السورة كما يلي:

084.7.3.1- الإنسان يكدح ويكافح ليلاقي ربه الذي يراقبه وهو به عليم فيجازيه على قدر إيمانه وعمله الصالحات واتباعه القرآن بالأجر الغير ممنون أو على تكذيبه بالعذاب الأليم:

084.7.3.1.1- الآيات (6-15) أن هذه المرحلة من مراحل رحلة حياة الإنسان اللانهائية الخالدة، هي مرحلة الكدح في الدنيا فليستفيد منها بطاعة الله والعمل للحياة الخالدة لتحقيق السعادة، ولا يضيعها بالمعصية والانشغال لا يندم الندم الشديد على تفريطه ويتمنى لنفسه الهلاك.

084.7.3.1.2- الآيات (20-25) التعجب من عدم أيمانهم وتكذيبهم وعدم سماعهم للقرآن الذي يأمرهم بما يصلح حياتهم ويحقق لهم السعادة الأبدية.

084.7.3.2- ولتأكيد وإثبات هذين الموضوعين خاطبت وجدان الإنسان بالتخويف وبالآيات:

084.7.3.2.1- الآيات (1-5) خاطبت نفس الإنسان بالتخويف والترهيب بأن الأفضل لها أن تكدح مؤقتاً لتسعد في الخلود.

084.7.3.2.2- الآيات (16-19) خاطبت عقل الإنسان بما أقسمت عليه الآيات، بأن آيات الليل والشفق والقمر تؤكد أنه يعيش الآن في إحدى مراحل رحلته المتعاقبة في مشوار الحياة، فليفهم ما يقال له فيها وما يأمره القرآن به من الإيمان والعمل الصالح.

084.7.4- الإشارة إلى عدد آيات القصص والأمثال والآيات وباقي الموضوعات في السورة:

084.7.4.1- آيات القصص: (13، 14) = 2 آية.

084.7.4.2- قصص يوم القيامة في الآيات: (1-5، 7-12) = 11 آية.

084.7.4.3- آيات الله في السماوات والأرض: (15-19) = 5 آيات.

084.7.4.4- مقصد السورة وموضوعاتها في الآيات: (6، 20-25) = 7 آيات.

084.8 تناسب وتناسق السورة مع غيرها من السور:

084.8.0- ولمّا كان مقصد السورة: بيان مصير الإنسان الذي يكدح في الدّنيا ليقدّم لآخرته ما يشاء من خير وشرّ باختياره، فيجازى يوم القيامة على قدر طاعته بالأجر غير الممنون، أو على تكذيبه بالعذاب الأليم، فهي بشارة للمؤمنين بإيمانهم، وتوبيخ وعتاب شديد للكافرين على عقولهم الرشيدة (مناط التكليف) التي لم تؤمن بآيات القرآن وبراهينه {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}، وقد بشرّتهم السورة بالعذاب الأليم {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)}.

وهي واحدة من سبع سور متتالية ومتناسبة في مقاصدها، من عبس إلى الطارق، فيها عتاب شديد على الإنسان المعرض عن التذكرة، المكذّب بيوم الدين والحساب، ابتدأت بسورة عبس: التي ذكّرت بالقرآن جميع الناس على سواء بدون تمييز بين شريف وفقير، ثمّ أتبعتها بستّ سور تبيّن وتؤكد مكامن ومناط التكليف في الإنسان وهي: في سورة التكوير: بالتفكير بالعقل الرشيد الذي يختار الاستقامة، والانفطار: بالاختيار بالقلب المحبّ للرب الكريم، والمطففين: بالأعمال الصالحة، والانشقاق: بتحكيم العقل في اختيار الكدح الصالح المنجي الجالب للسرور في العمل، والبروج: في محبّة واختيار نعيم الآخرة الدائم على الدنيا الفانية، والطارق: بأن القوة والنصر والكيد لله تعالى، يمهلهم قليلاً على كفرهم حتى يأخذهم على غرّة بسوء أعمالهم.

084.8.1- قال الإمام جلال الدين السيوطي: قد استوفى الكلام فيها في سورة المطففين. راجع (083.8.1).

084.8.2- وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تقدم في الانفطار التعريف بالحفظة وإحصائهم على العباد في كتبهم، وعاد الكلام إلى ذكر ما يكتب على البر والفاجر واستقرار ذلك في قوله تعالى {إن كتاب الأبرار لفي عليين (18)} المطففين، وقوله: {إن كتاب الفجار لفي سجين (7)} المطففين، أتبع ذلك بذكر التعريف بأخذ هذه الكتب في القيامة عند العرض، وأن أخذها بالأيمان عنوان السعادة، وأخذها وراء الظهر عنوان الشقاء إذ قد تقدم في السورتين قبل ذكر الكتب واستقرارها بحسب اختلاف مضمناتها فمنها ما هو في عليين ومنها ما هو في سجين إلى يوم العرض، فيؤتى كل كتابه فآخذ بيمينه وهو عنوان سعادته، وآخذ وراء ظهره وهو عنوان هلاكه، فتحصّل الإخبار بهذه الكتب ابتداء واستقراراً وتفريقاً يوم العرض، وافتتحت السورة بذكر انشقاق السماء ومد الأرض وإلقائها ما فيها وتخليها تعريفاً بهذا اليوم العظيم بما يتذكر به من سبقت سعادته والمناسبة بينه.

– انظر 4.2.4.18.2.0- جدول يبيّن تناظر نصفي القرآن، ويلخص تناسب مقاصد سوره حول أن الإيمان واتباع طريق الهدى نعمة وسعادة وفلاح في الدنيا والآخرة.

– انظر الجدول 7.4.9: وفيه تلخيص مقصد القرآن: وهو الهدى إلى طريق السعادة والزكاة بثلاثة أشياء مجتمعة هي: العقل والقلب والجسد، وأن الناس فريقين شقي وسعيد.

أعلى الصفحة Top