العودة إلى فهرس السور: اضغط هنا (تسهيل فهم وتدبّر سور القرآن)
076.0 سورة الإنسان
ملاحظة: قبل البدئ بهذه السورة، يجب الاطلاع على ما يلي:
– المقدّمة والتمهيد: اضغط هنا
– تسهيل فهم وتدبّر القرآن: اضغط هنا
076.1 التعريف بالسورة:
1) الراجح أنها مكية. 2) من المفصّل. 3) عدد آياتها 31 آية. 4) السادسة والسبعون من حيث الترتيب في المصحف. 5) والراجح أنها السادسة والخمسون حسب ترتيب النزول، نزلت بعد “الرحمن”. 6) أسماء أخرى للسورة: وتسمّى أيضاً سورة الدهر. 7) أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في السورة: الله 5 مرّات، رب 5 مرّات، خلق 2 مرّة؛ (1 مرّة): عليماً، حكيماً، وقاهم، أنزل، نبلو. انظر أيضاً في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: الفصل رقم 1.7: أسماء الله وصفاته وبعض الكلمات المكررة في القرآن.
السورة الوحيدة التي ذكرت فيها الكلمات: (1 مرّة): أمشاج، كافوراً، مستطيراً، زمهريراً، زنجبيلاً، سلسبيلاً، أسرهم.
أكثر سورة تكرر فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: (2 مرّة): قواريرا، مزاجها.
تكررت فيها الكلمات التالية ومشتقاتها: شاء 5 مرّات، رأيت 4 مرّات؛ (3 مرّات): أذكر، شكور، يشرب؛ (2 مرّة): الإنسان، نخاف، صبر، تفجيراً، تقدير، ذللت؛ (1 مرّة): دهر، شيئاً، سميعاً بصيراً، شمساً، سندس، خضر، استبرق.
076.2 فضائلها وما ورد عنها من الأثر:
076.3 وقت ومناسبة نزولها:
معظم المفسرين للقرآن بمن فيهم العلامة الزمخشري، والإمام الرازي، والقاضي البيضاوي، والعلامة نظام الدين النيسابوري، والحافظ ابن كثير، والكثير غيرهم قال إن هذه السورة مكّية، وحسب العلامة الألوسي فإن هذا هو قول معظم المفسرين. ويوجد البعض من قال إن هذه السورة مدنيّة. والبعض الآخر أيضاً قال إنها مكّية ماعدا الآيات (8-10) فهي مدنيّة.
وبالنظر إلى موضوع السورة وأسلوبها، نجده يختلف عن القرآن المدني. وبقليل من التأمّل نلاحظ أنها ليست فقط مكيّة بل حتى من السور التي نزلت في بدايات العهد المكّي، والذي ابتدأ مباشرة بعد نزول أول سبعة آيات من سورة المدّثر. أما فيما يتعلّق بالآيات (8-10) فهي منسجمة بشكل طبيعي مع سياق الموضوع وكأنها آتية مقروءة في مكانها الصحيح، ولا يستطيع أحد زعم أن الآيات التي تسبقها والآيات التي تليها نزلت قبلها بحوالي خمسة عشرة إلى ستة عشرة سنة وأن هذه الثلاثة آيات نزلت بعدها بعدّة سنوات وأقحمت هذا المكان بشكل غير طبيعي.
076.4 مقصد السورة:
076.4.1- بيان الغرض من وجود الإنسان وهو أن الله خلقه وأنعم عليه وسيختبره إمّا شاكراً وإما كفوراً، وقد بيّن له ذلك وهداه السّبيل، وبأنه لن يترك سدى. وجعل الله جزاء شكره الفوز في الآخرة بجنات وسرور ونعيم وملك كبير، وجزاء كفره عذاب في النار وسعير.
076.4.2- مقصد السورة نجده في الآيات الثلاثة الأولى (1-3): وهو أن الله خلق الإنسان وأنعم عليه ليبتليه هل يشكر أم يكفر، ثم باقي السورة في بيان مصير الشاكر والكافر. أي أن مقصد خلق الإنسان هو أن يعرف الله ويشكره على نعمة الإيجاد وعلى الوعد بالنعيم في الجنة. الله خلق الإنسان ولم يك شيئاً فجعله سميعاً للكلام بصيراً للآيات وهداه إلى طريق الحق ليبتليه أيشكر أم يكفر.
فهذه نعم عظيمة حصل عليها الإنسان في الدنيا بدون سابق فضل منه أو شيء قدمه يستحق الشكر. جعل الله جزاء شكرها الفوز في الآخرة بجنات وسرور ونعيم وملك كبير، وجزاء كفرها عذاب في النار وسعير. إنه ابتلاء رابح بالاختيار بين سبيل السعادة أو سبيل الشقاء، بل هو حق وواجب لمن وفقه الله أن يختار الإنسان السعادة بمعرفة الله المنعم، وشكره وطاعته باتباع الفطرة، وأن يعرض عن الشقاء بالكفر بالله المنعم وعصيانه بمخالفة الفطرة.
076.4.3- قال البقاعي: سورة الإنسان وتسمى هل أتى والأمشاج والدهر، مقصودها ترهيب الإنسان بما دل عليه آخر القيامة من العرض على الملك الديان بتعذيب العاصي في النيران وتنعيم المطيع في الجنان بعد جمع الخلائق كلها الإنس والملائكة والجان وغير ذلك من الحيوان، ويكون لهم مواقف طوال وأهوال وزلزال، لكل منها أعظم شأن، وأدل ما فيها على ذلك الإنسان بتأمل آيته وتدبر مبدئه وغايته، وكذا تسميتها بهل أتى وبالدهر وبالأمشاج من غير ميل ولا اعوجاج.
076.5 ملخص موضوع السورة:
موضوع السورة وأسلوبها يشير إلى أنها مكّيّة، وتضمنت ثلاث مجموعات من الآيات: استهلّت (3 آيات) بتعريف الإنسان بحاله وابتداء أمره بأنه كان لا شيء يُذكر فلا يتكبّر ولا يفجُر {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)}، وأن الله أنعم عليه بنعمة الإيجاد ونقله من طور إلى طور خلقاً آخر سميعاً بصيراً {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)}، وعاقلاً متعلّماً مختاراً وهداه السبيل {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}؛ ثمّ أعقبها (19 آية) بيان جزاء الشاكرين والكافرين، ثمّ ختمت (9 آيات) بتأكيد أن الله هداهم بالقرآن والفطرة وأقام عليهم الحجّة بالعمل والابتلاء وأحكم خلقتهم وتمّمها بالعقل والمشيئة وحرّية الاختيار، فمن أراد السعادة اتخذ سبيل الشكر سبيلاً، كما يلي:
(الآيات 1-3): الله خلق الإنسان ولم يكن شيئاً، وأنعم عليه بنعمة الإيجاد والحياة فجعله سميعاً للكلام (القرآن) بصيراً بالآيات (بصيرة قلبه وحواسّه) وهداه طريق الحق (بالعمل والتجربة) ليبتليه أيشكر أم يكفر (بالعقل والاختيار). وهذا هو مقصد خلق الإنسان: أي ليختبره على علم علّمه إيّاه بالقرآن والعقل والتجربة، هل يشكر الله على نعمة الإيجاد وعلى الوعد بالنعيم في الجنة، أم يكفر فيعاقب، ومعنى الشكر هو اتباع السبيل والهدى، وهو أيضاً مقصد السورة.
(الآيات 4-22): بيان ما أعدّه الله للكافرين من العذاب والسلاسل والسعير (1 آية فقط)، ثمّ (18 آية) بيان ما أعدّه لأهل شكره وطاعته من النعيم والشراب والعيون في الجنة، فقد كانوا يوفون بالنذر ويخافون الله ويطعمون الطعام ويعملون لوجهه ويخافون عذابه، {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)}، وأثابهم بصبرهم في الدنيا جنة عظيمة وملكاً كبيراً، متكئين فيها على الأرائك وفي الظلال والخدم والشراب والعيون والثياب والأساور، فكان سعيهم القليل مشكوراً من الله بالنعيم المقيم الذي لا ينتهي.
(الآيات 23-31): أنزل الله القرآن يأمرهم بالصبر على هذه المرحلة من العمل والابتلاء بالعبادة وطاعة الله وذكره، وعدم طاعة الكافرين الذين يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة، فالله قادر على أن يهلكهم ويأتي بقوم غيرهم. إن هذه السورة تذكرة {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29)}، وما يشاؤون إلا يشاء الله العليم بأحوالهم الحكيم في تدبيرهم، {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)}.
وهكذا لمّا علمنا أن الله خلق الإنسان ليُنعم عليه ويسعده بمعرفته: الخالق المنعم الهادي الرازق الشكور … إلى كلّ ما عَرّف الله به تعالى عن نفسه من أسماء، فيشكره باتباع أمره ونهيه وطاعته، فيجازيه الله الشكور بشكر الإنسان على برّه وطاعته واتباعه السبيل بالفوز بالجنّة، في ثماني مراحل مباركة متزايدة لا تنتهي من مراحل النعمة والسعادة والرضى والنضارة والسرور، بدأت بنعمة وجوده في علم الله شيئاً غير مذكور، ثمّ نعمة خلقه حيّاً مذكوراً، ثمّ نعمة إحكام خلقه ورزقه ومعرفته وذكره لأسماء ربّه، ثمّ نعمة هديه إلى سواء السبيل، ثمّ نعمة توفيقه لطاعته وشكره على ما منحه من النعيم والملك الكبير، ثمّ مزيد شكر الله للإنسان على شكره وطاعته وبرّه في سعيه، ثمّ يدخله الله في رحمته ورضوانه، ثم علاوة ذلك وأعظمه الفوز برؤية الرّب الرحيم، وسماع خطابه، ولذة قربه، والابتهاج برضاه، والخلود الدائم، وتزايد ما هم فيه من النعيم كل وقت وحين، فلا نهاية لبرّ الله تعالى وإحسانه. ومن هنا كان اسمها “الإنسان” فقد بدأت ببدئه وثنّت بسروره وشكر الله له على طاعته وختمت بخلوده في رحمة ربّه؛ وكان بهذا التعريف أعظم التوبيخ للكافر على كفره وظلمه لنفسه وجهله وتفويته ما خلق لأجله.
ربنا أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا وعلى والدينا وأن نعمل صالحا ترضاه، إنّا تبنا إليك، أصلح لنا في ذرّياتنا وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
076.6 بعض التفاصيل عن موضوع السورة:
باعتبار تسلسل ترتيب الآيات فإن السورة ابتدأت ببيان مقصد خلق الإنسان وهو شكر الله على نعمة الإيجاد وعلى الوعد بالنعيم في الجنة، وهو مخير في ذلك بين أن يشكر أو أن يكفر. وتختم أيضاً ببيان أن الله أنزل القرآن وأرسل الرسول تذكرة للإنسان بمقصد وجوده وأنه مخيّر بين أن يشكر بطاعة الله والاهتداء إلى سبيله فينال رضاءه ورحمته، أو أن يكفر فيكون من الظالمين فيقع عليهم عذابه.
وبين المقدمة والخاتمة احتوت السورة على ثلاثة موضوعات الأول فيه بيان مصير الكافر ومصير الشاكر؛ والثاني فيه بيان أن الشاكرين أطاعوا ربهم وخافوا عقابه فعملوا بما أمرهم به فكان جزاؤهم جنة نعيم، أما الكافرون فتعلقت قلوبهم بنعيم الدنيا وانشغلوا بها وتركوا طاعة ربهم والعمل بما فيه نجاتهم؛ والثالث فيه بيان أن الله أنزل القرآن على رسوله ليكون تذكرة للإنسان بالصبر على هذه المرحلة من العمل والابتلاء بالعبادة وطاعة الله، وعدم طاعة الكافرين المنغمسين في الشهوات والكفر والضلال.
076.6.1- الآيات (1-3) تبدأ ببيان مقصد وجود الإنسان (والذي هو أيضاُ مقصد السورة) وهو ان الله خلق الإنسان ليختبره هل يشكر الله على نعمة الإيجاد وعلى الوعد بالنعيم في الجنة، أم يكفر. فالله خلق الإنسان ولم يك شيئاً فجعله سميعاً للكلام بصيراً للآيات وهداه إلى طريق الحق ليبتليه أيشكر أم يكفر.
076.6.2- الآيات (4-6) بيان ومقارنة بين ما أعد الله للفئتين الكافرين في السعير والأبرار في النعيم. فبعد التنزيل والنذير فلا عذر، ولا شيء يبرّر الكفر، فمن يكفر فالسعير جزاؤه، أما البار فالنعيم جزاؤه.
076.6.3- الآيات (7-10) بيان أعمال هؤلاء الشاكرين الأبرار الذين أدركوا مقصد وجودهم وحكمة الله في الخلق والإنعام والابتلاء. فهم يخافون الله ولا يخالفون فطرته التي فيها تحقيق مصلحتهم كجماعة، من الوفاء والإطعام والخوف من الله والعمل لوجه الله. فبالوفاء بالوعد والنذر يوفي لهم الله ما وعدهم به من النعيم الدائم، وكذلك يستبدل خوفهم أمناً ويطعمهم كما أطعموا.
076.6.4- الآيات (11-22) هؤلاء الشاكرين الأبرار جزاؤهم الإكرام بالجنة المليئة بالنعيم والسرور والملك الكبير. فكان سعيهم القليل، مشكوراً من الله بالنعيم المقيم الذي لا يحصى.
076.6.5- الآيات (23-26) أنزل الله القرآن على رسوله ليكون تذكرة للإنسان (بما فيه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب) بالصبر على هذه المرحلة من العمل والابتلاء بالعبادة وطاعة الله، وعدم طاعة الكافرين المنغمسين في الشهوات والكفر والضلال. فاصبر لأحكام الله ولا تطيع من رغب بالعاجلة عن الآخرة.
076.6.6- الآيات (27-28) تبين الآيات أن الكافرين أحبوا الدنيا وانشغلوا بالعمل لأجلها عن العمل لأجل الآخرة وعن ما فيه نجاتهم. وتبين أن الله قادر على يهلكهم ويأتي بقوم غيرهم شاكرين مطيعين، لكن مشيئته وحكمته اقتضت أن يبقيهم ويمهلهم ليجازيهم على أعمالهم.
076.6.7- الآيات (29-31) تختم السورة بأن الإنسان مخيّر بين أن يشكر بطاعة الله والاهتداء إلى سبيله فينال رضاءه ورحمته أو أن يكفر فيكون من الظالمين فيقع عليهم عذابه.
076.7 الشكل العام وسياق السورة:
076.7.1- سميت السورة {الإنسان} بهذا الاسم لغالبية أحوال الإنسان فيها، ومراحل حياته الثلاثة، سواء منذ النشأة الأولى والتدرج معه سواء في النعيم أو العذاب. وسميت أيضاً {هل أتى على الإنسان} و {الأمشاج}، و {الأبرار}، و {الدهر}.
076.7.2- سياق السورة باعتبار موضوعات آياتها:
هذه السورة تحكي قصّة الإنسان ومقصد وجوده، وذلك بأن الله خلقه ليبتليه أيشكر أم يكفر. فجعله سميعاً للكلام بصيراً للآيات، وهو ابتلاء واضح المعالم سهل للاختيار بين سبيل السعادة أو سبيل الشقاء: السعادة باختيار معرفة المنعم وشكره وطاعته باتباع الفطرة، والشقاء بالكفر بالمنعم وعصيانه بمخالفة الفطرة.
كذلك تبين السورة أن الله خلق الإنسان ليسعد بشكره والاستمتاع بنعَمِه، وهداه إلى طريق الشكر والسعادة وإلى طريق الكفر والشقاء (يختار أيهما شاء). تبدأ بأن الله جعل الإنسان سميعاً بصيراً وهداه إلى السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، وتختم بأن الله جعل هذه الآيات تذكرة فمن شاء من الناس اتخذ إلى الله سبيلاً، أي طريقاً يوصله إلى مغفرة الله ورضوانه، وما يشاؤون إلا أن يشاء الله إنه كان عليماً حكيماً.
وباعتبار موضوعات الآيات فإننا لو استثنينا الثلاث آيات (4، 27، 28) التي تتحدث عن الوعيد بالعذاب، فإن كل السورة تتحدث عن نعيم حصل للإنسان في السابق ومستمر في الحاضر وعن بشائر بنعيم قادم في الدار الآخرة، وهي جميعها نعم تستحق وتستوجب دوام شكر المنعم وتستدعي طاعته واتباع هديه، وتستهجن وتستبشع الكفر بالمنعم ومخالفته والإعراض عن سبيله وهديه. وهذه النعم هي كما يلي:
076.7.2.1- ثلثي آيات السورة تتحدث عن نعم الله على الإنسان بالإيجاد في الدنيا وبشائره له في الآخرة، كما يلي: الآيات (1-3، 5، 6، 11-23، 29-31) = 21 آية
076.7.2.1.1- الآيات (1-3) تبدأ ببيان نعم الله على الإنسان بأن جعله شيئاً مذكوراً (بعد أن لم يكن شيئاً)، ثم سميعاً بصيراً، ثم هداه السبيل.
076.7.2.1.2- الآيات (5، 6، 11-22) تتحدث النعيم الذي أعده الله في الآخرة لأهل شكره وطاعته، في دار الخلد والإقامة في جنات النعيم، وأشادت بما لهم عند الله من الأجر والكرامة، وبما حباهم الله من الفضل والنعيم يوم الدين: فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم وأعطاهم نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم، وأثابهم بصبرهم في الدنيا جنة عظيمة، وتتابعت الآيات في سرد نعيم أهل الجنة في مأكلهم، ومشربهم، وملبسهم، وخدمهم الذين يطوفون عليهم صباح مساء، ونعيم لا يدركه الوصف وملكاً عظيماً واسعاً لا غاية له، ويقال لهم إن هذا جزاء أعمالكم الصالحة، وكان عملكم في الدنيا عند الله مرضياً مقبولا.
076.7.2.1.3- الآيات (23، 29-31) تتحدث عن نعمة التذكرة والعظة في هذه السورة (فالله أنزل القرآن وأرسل الرسول تذكرة للإنسان بمقصد وجوده في الدنيا وبما أعد له في الآخرة) فلم يتركه الله لجهله وتسلط نفسه التي تحب العاجلة عليه، (وكذلك ذكر هذا وأكثر منه في كل سور القرآن)، فمن أراد الخير لنفسه في الدنيا والآخرة اتخذ إلى ربه سبيلاً يوصله إلى مغفرته ورضوانه، وما يريدون إلا بتقدير الله ومشيئته، إن الله كان عليماً بأحوال خلقه، حكيماً في تدبيره وصنعه، يُدْخل مَن يشاء في رحمته ورضوانه، وللظالمين عذاباً أليماً.
076.7.2.2- خُمُس عدد آياتها تتحدث عن صفات هؤلاء المنعم عليهم الصالحة في الدنيا من الوفاء بالنذر والخوف من العذاب وإطعام الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، وكلّها أعمال سهلة التطبيق بسيطة الفهم والقبول، متوافقة ومنسجمة مع أصل فطرتهم، ويتحقق بتطبيقها العدل والخير ومصلحة الناس جميعاً؛ فمن أجل أن يفوزوا ينعموا في الآخرة أمرهم الله بما فيه فوزهم ونعمتهم وصلاح حياتهم في الدنيا، وهو قمّة النعيم والإكرام لهذا الإنسان الذي لم يقدم شيئاً يستحق هذا التكريم، فلا أقل من أن يتعرّف على هذا الخالق الكريم ويشكره، لا أن يكفر به ويشكر غيره. الآيات (7-10، 24-26) = 7 آيات
076.7.2.2.1- الآيات (7-10) ذكرت أوصاف هؤلاء السعداء بشيء من الاسهاب، فوصفتهم بالوفاء بالنذر، وإطعام الفقراء ابتغاء مرضاة الله، والخوف من عذاب الله، وذكرت أن الله تعالى قد آمنهم من ذلك اليوم العبوس، الذي تكلح فيه الوجوه.
076.7.2.2.2- الآيات (24-26) فاصبر لحكم ربك القدري واقبله (فهو سبحانه له الخلق والأمر)، ولحكمه الديني فامض عليه، ولا تطع من المشركين من كان منغمساً في الشهوات أو في الكفر والضلال، وداوم على ذكر اسم ربك ودعائه في أول النهار وآخره. ومن الليل فاخضع لربك، وصَلِّ له، وتهجَّد له زمناً طويلاً.
076.7.2.3- الآيات (4، 27، 28) والآيات الثلاثة الباقية تتحدث عما أعد للكافرين من العذاب والسلاسل وعن صفتهم أنهم يحبون العاجلة ويذرون الآخرة ولو شاء الله لاستبدلهم بقوم غيرهم يطيعون ربهم.
076.7.3- سياق السورة باعتبار مقصد خلق الإنسان:
باعتبار مقصد السورة وهو أن الله خلق الإنسان وأكرمه ونعمه، ثمّ ترك له حرّية الاختيار إما شاكراً أو كفوراً، احتوت السورة على ثلاثة مجموعات من الآيات: الأولى تتحدث عن هذا المقصد السامي لخلق الإنسان وتكريمه المذكور والذي بينه الله للإنسان بثلاثة طرق: بالهداية في أصل فطرته، وفي تنزيل القرآن، وبالتذكير بالآيات عن طريق السمع والبصر؛ المجموعة الثانية عن ما فعله الإنسان: فأحدهم عرف الله وأحبه وآمن بالحق واتبعه ففاز، والثاني تعلق قلبه بالدنيا فأحبها وكفر بخالقها وأعرض هديه وآياته فخسر؛ المجموعة الثالثة عن الجزاء على الأعمال والمصير الذي استحقه الفريقين: المؤمن بالفوز بالجنة والكافر بالخسران والعذاب.
076.7.3.1- ثلث عدد الآيات في الحديث عن مقصد السورة وهو أن الله خلق الإنسان وأكرمه ونعمه، ثمّ ترك له حرّية الاختيار إما شاكراً أو كفوراً، والذي بينه الله للإنسان بثلاثة طرق: بالهداية في أصل فطرته وفي تنزيل القرآن وبالتذكير بالآيات عن طريق السمع والبصر. الآيات (1-3، 23-26، 29-31) = 10 آيات
076.7.3.1.1- الآيات (1-3) الله خلق الإنسان وأكرمه ونعمه، ثمّ ترك له حرّية الاختيار إما شاكراً أو كفوراً.
076.7.3.1.2- الآيات (23-26) أنزل الله القرآن على رسوله ليكون تذكرة للإنسان بالعمل والصبر على الابتلاء بالعبادة وطاعة الله، وعدم طاعة الكافرين.
076.7.3.1.3- الآيات (29-31) هذه السورة عظة للإنسان بأنه مكلّف باتباع السبيل الذي يوصله إلى مغفرة الله ورضوانه. وهو مخيّر بين أن يشكر بطاعة الله فينال رضاءه ورحمته أو أن يكفر فيقع في العذاب الأليم.
076.7.3.2- تتحدث عما فعله الإنسان: فأحدهم اهتم وآمن بالحق واتبعه فاهتدى وفاز، والثاني تعلق قلبه بالدنيا فأحبها وكفر بخالقها وأعرض عن هديه وآياته فضلّ وخسر. الآيات (7-10، 27، 28) = 6 آيات
076.7.3.2.1- الآيات (7-10) المؤمنون يوفون بالنذر ويطعمون الطعام لوجه الله ويخافون من ربهم يوم الحساب.
076.7.3.2.2- الآيات (27، 28) الكافرين أحبّوا الدنيا وانشغلوا بالعمل لأجلها عن العمل لأجل الآخرة وعما فيه نجاتهم.
076.7.3.3- تتحدث عن الجزاء على الأعمال والمصير الذي استحقه الفريقين يوم القيامة، المؤمن بالفوز بالجنة والكافر بالخسران والعذاب. الآيات (4-6، 11-22) = 15 آية
آية واحدة فقط تتحدث عما أُعِدّ للكافرين من العذاب والسعير، وقريب من نصف عدد آيات السورة (14 آية) تتحدث عما أعده الله للمؤمنين من النعيم والسرور ولباس الحرير والأرائك والطعام والشراب والملك الكبير والسعي المشكور.
076.7.4- سياق السورة باعتبار أن الله خلق الإنسان وأكرمه ونعّمه في مقابل أن يشكر النعمة ولا يكفرها:
خلق الله الإنسان في أطوار، وأكرمه ونعّمه وهيئه ليقوم بمعرفة مصدر هذه النعمة وهو الله، فيؤمن به ويسعد به إلاهاً رحيماً كريماً له الأسماء الحسنى والصفات الفضلى فيشكره ويطيعه ويتبع سبيله. وبمعنى آخر أن الله هيأ في الإنسان أدوات كالسمع والبصر والعقل لكي يعّرفه على نفسه، وبأنه مصدر هذه النعم والرحمات التي يغمره بها في مقابل أن يؤمن هذا الإنسان بأن الله هو المنعم فيطيعه بشكر هذه النعمة عن طريق استعمالها فيما أمره الله به من سبل الخير وفي الإصلاح لا في الفساد.
الله خلق الإنسان ليبتليه أيشكر أم يكفر: ومعنى الشكر هو تصوّر النّعمة وإظهارها، ويضادّه الكفر، وهو: نسيان النّعمة وسترها. والشُّكْرُ ثلاثة أضرب: شُكْرُ القلب، وهو تصوّر النّعمة. وشُكْرُ اللّسان، وهو الثّناء على المنعم. وشُكْرُ سائر الجوارح، وهو مكافأة المنعم بقدر استحقاقه.
ولكي يختبر الله شكر الإنسان لكي يديم عليه النعمة، خلقه الله أطواراً، وهيئه بوسائل المعرفة والعقل والهداية التي تمكنه من أن يكون شاكراً أو كفوراً، كما يلي:
076.7.4.1- وسائل وموجبات شكر الله، الآيات (1، 2، 28، 30، 31): خلق الله جميع المخلوقات بمشيئته وبرحمته، من أجل أن تنعم وتسعد بمعرفته وعبادته، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)} النور.
وقد شاء الله بعلمه ورحمته أن يعرض على المخلوقات حين خلقها مسئولية حمل الأمانة فأشفقن من حملها، وحملها الإنسان، فهو اختار أن يشكر الله ويعبده باختياره، فمن أطاع بقي في رحمة الله ومن عصى طرد من رحمته، لأجل ذلك خلقه الله في أطوار وزوده بوسائل وجعله ينموا في مراحل تعليم تُهيئه لمعرفة الله وشكره وعبادته مختاراً وليس مسيراً كالمخلوقات الأخرى. فجعله شيئاً بعد أن لم يكن شيئاً ولا يعرف له أثر، وسخر له السماوات والأرض، وجعله الله سميعاً بصيراً عاقلاً مختاراً أن يكون شاكراً أو كفوراً.
وجعله كذلك مذكوراً تذكره كل مخلوقات الله بل وتصلي عليه، كما في الحديث: “أن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير”، وتستغفر له كما في الحديث: “وان العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء”، هذا في الدنيا أما في الآخرة فنعيم مقيم وملك كبير.
076.7.4.2- هداه الله السبيل، إما شاكراً أو كفوراً، الآيات (3، 23، 24، 29): ومن وسائل الشكر أيضاً أن هداه الله إلى سبيل الشكر، ثم بعدها شاكراً أم كفوراً؛ ومنها تنزيل القرآن والتذكرة بهذه السورة وبالقرآن.
076.7.4.3- أعمال الشكر، الآيات (7-10، 25-27): الوفاء بالنذر والخوف من يوم الحساب وإطعام الطعام لوجه الله، وذكر اسم الله ودعائه بكرة وأصيلاً والسجود والصلاة من الليل والتهجّد. وعدم الانشغال بالدنيا وترك الآخرة.
076.7.4.4- الجزاء على الأعمال، الآيات (4-6، 11-22): الله يجازي بالجنة الموصوفة في السورة ويقابل الشكر بالشكر والنعيم والجنة مقابل العمل الصالح الذي يرضي الله. أما الكافر فجزاؤه العذاب بالسلاسل والأغلال والسعير.
076.7.5- الإشارة إلى عدد آيات القصص والأمثال والآيات وباقي الموضوعات في السورة:
076.7.5.1- آيات القصص: (7-10، 27) = 5 آيات.
076.7.5.2- قصص يوم القيامة في الآيات: (4-6، 11-22) = 15 آية.
076.7.5.3- آيات الله في السماوات والأرض: (1-3) = 3 آيات.
076.7.5.4- مقصد السورة وموضوعاتها في الآيات: (23-26، 28-31) = 8 آيات.
076.8 تناسب وتناسق السورة مع غيرها من السور:
076.8.0- ولمّا كان اسمها “الإنسان” فقد بدأت ببدئه وثنّت بسروره وشكر الله له على طاعته وختمت بخلوده في رحمة ربّه؛ وكان بهذا التعريف أعظم التوبيخ للكافر على كفره وظلمه لنفسه وجهله وتفويته ما خلق لأجله. وقد سبقتها القيامة ببيان خمسة أسباب لتكذيب الإنسان حاصلها حبّه وانشغاله جهلاً وسفاهة بالدنيا العاجلة وتركه الآخرة الباقية {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21)} القيامة، فأكّدته هنا {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)} الإنسان. وأعقبها كذلك تناسبها مع المرسلات، وهي السورة الوحيدة التي ذُكر وتكرر فيها الوعيد {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} عشر (10) مرّات، فلا عذر لهم بعد أن قامت عليهم الحجة، ووعدت كذلك بالنجاة والتكريم للمتقين المحسنين الذين آمنوا بكلام الله.
076.8.1- تناسب سورة الإنسان مع سورة القيامة: تبين سورة الإنسان أسباب الإيمان وشكر الله: وهي تكريم الله للإنسان وتهيئة جميع أسباب السعادة له في الدنيا والآخرة، وأكثر آياتها بشارة وترغيب بشكر الله وعبادته وأنباء عن نعيم الجنة؛ أما سورة القيامة فهي تبين أسباب كفر الإنسان وأكثر آياتها تخويف بالقيامة.
والسورتان متكاملتان حول موضوع الشكر والكفر؛ ففي سورة الإنسان: فإن الإنسان موجود على هذه الأرض ليعترف بالفضل لله المنعم الحق وليشكره باتباع هداه وصراطه المستقيم، لأنه مخلوق جبل على عبادة الله، ومفطور عليه؛ وفي القيامة: فإن كفر ولم يؤمن ولم يعترف لله بالفضل وأنه هو الخالق المنعم القادر، اعترف لغيره من الأوثان والآلهة التي لا تضر ولا تنفع، سواء ذلك كان جهلاً أو تقصيراً أو كبراً، أو بسبب حبه للعاجلة وهي الدنيا، وكفره بالآخرة وإنكاره أنه ممتحن ومحاسب على أعماله. والشكر من صفات الله، فهو يجزي على الحسنة عشرة أضعاف إلى سبعمئة ضعف وأكثر، والعدل أيضاً من صفاته فيعاقب الكافر بعمله. عن أسباب الشكر والكفر، انظر أيضاً:
076.8.1.1- انظر في كتاب تسهيل فهم وتدبّر القرآن: المبحث 7.3.4- سعادة الإنسان بشكر الله؛ والمبحث 7.3.5- لماذا يكفر الإنسان ولا يؤمن.
076.8.2- قال الإمام جلال الدين السيوطي: وجه اتصالها بسورة القيامة في غاية الوضوح فإنه تعالى ذكر في آخر تلك مبدأ خلق الإنسان من نطفة ثم ذكر مثل ذلك في مطلع هذه السورة مفتتحاً بخلق آدم أبي البشر، ولما ذكر هناك خلقه منهما {فجَعلَ منهُ الزوجينِ الذكرَ والأُنثى (39)} القيامة، قال هنا {فجعلناهُ سميعاً بصيراً (2)} الإنسان، فعلق به غير ما علق بالأول ثم رتب عليه هداية السبيل وتقسيمه إلى شاكر وكفور ثم أخذ في بيان جزاء كل فريق. ووجه آخر هو أنه لما وصف حال يوم القيامة في تلك السورة ولم يصف فيها حال النار والجنة بل ذكرهما على سبيل الإجمال فصلهما في هذه السورة واطنب في وصف الجنة وذلك كله شرح لقوله تعالى هناك {وجوهٌ يَومَئذٍ ناضِرة (22)} وقوله هنا {إِنّا أَعتدنا للكافِرينَ سَلاسِلا وأَغلالا وسَعيراً (4)} شرح لقوله هناك {تظنُ أَن يُفعل بها فاقرة (25)} وقد ذكر هناك {كلا بل تحبونَ العاجِلة (20) وتذَرونَ الآخِرة (21)} وذكر هنا في هذه السورة {إِن هؤلاء يحبون العاجِلة ويَذرونَ وراءهم يوماً ثقيلا (27)} وهذا من وجوه المناسبة.
076.8.3- وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً (1)} تعريف الإنسان بحاله وابتداء أمره ليعلم أن لا طريق له للكبر واعتقاد السيادة لنفسه، وأن لا يغلطه ما اكتنفه من الألطاف الربانية والاعتناء الإلهي والتكرمة فيعتقد أنه يستوجب ذلك ويستحقه {وما بكم من نعمة فمن الله (53)} النحل، ولما تقدم في القيامة إخباره تعالى عن حال منكري البعث عناداً واستكباراً وتعامياً عن النظر والاعتبار {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه (3)} القيامة، وقوله بعد {فلا صدق ولا صلى (31) ولكن كذب وتولى (32) ثم ذهب إلى أهله يتمطى (33)} القيامة، أي يتبختر عتواً واستكباراً ومرحاً وتجبراً، وتعريفه بحاله التي لو فكر فيها لما كان منه ما وصف، وذلك قوله {ألم يك نطفة من مني يمنى (37) ثم كان علقة فخلق فسوّى (38)} القيامة، أتبع ذلك بما هو أعرق في التوبيخ وأوغل في التعريف وهو أنه قد كان لا شيء فلا نطفة ولا علقة، ثم أنعم الله عليه بنعمة الإيجاد ونقله من طور إلى طور فجعله نطفة من ماء مهين في قرار مكين ثم كان علقة ثم مضغة إلى إخراجه وتسويته خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، فمن اعتبر اتصافه بالعدم ثم تقلبه في هذه الأطوار المستنكف حالها والواضح فناؤها واضمحلالها، وأمده الله تعالى بتوفيقه عرف حرمان من وصف في قوله: {ثم ذهب إلى أهله يتمطى (33)} القيامة، فسبحان الله ما أعظم حلمه وكرمه ورفقه، ثم بين تعالى أن ما جعله للإنسان من السمع والبصر ابتلاء له، ومن أدركه أدركه الغلط وارتكب الشطط.
راجع تناسب سورة المرسلات مع العشر سور التي سبقتها (077.8.1). وهي الملك والقلم والحاقة والمعارج ونوح والجن والمزمل والمدثر والقيامة والإنسان.